الإيقاعات النهارية – الليلية
الإيقاعات النهارية – الليلية
لا ينام الإنسان نومًا متواصلًا، حيث يستيقظ تلقائيًّا مرات عديدة، ولا يتذكَّر فترات اليقظة تلك إذا دامت أقل من ثلاث دقائق، وتكمن أهميتها في التأكُّد من كون محيط النائم محيطًا آمنًا، وفرصة لتحريك الجسم، والانتقال لطور جديد من أطوار النوم، ويتسلسل النوم بفضل التأثير النهاري _ الليلي، وتخضع غالبية الوظائف البيولوجية من تغذية، وإفرازات هرمونية، وحرارة الجسم إلى إيقاعات نهارية ليلية، أي إنها تتكرَّر كل أربع وعشرين وساعة، وينطبق هذا الكلام أيضًا على عملية التناوب بين اليقظة والمنام، وكل هذه الإيقاعات النهارية – الليلية تضبطها ساعة بيولوجية داخلية تقع في البنية الدماغية وتوجد خلف العينين، ولا يكتمل هذا الإيقاع عند الولادة، لهذا يحتاج الرضيع من أربعة إلى خمسة أشهر؛ كي يضبط ساعته البيولوجية وينام ليلته.
ولا ينام الإنسان في أي وقت، بل توجد أوقات مناسبة في اليوم، يفتح فيها النوم أبوابه، وتتحكم درجة حرارة الإنسان الداخلية في التقلب بين حالات اليقظة المختلفة طوال اليوم، فتصل هذه الدرجة إلى أقصى معدلاتها في الساعة الخامسة مساءً، لتنخفض تدريجيًّا إلى أن تصل إلى أدنى معدلاتها في الفترة ما بين الثالثة والخامسة صباحًا، ويستيقظ المرء بعد بضع ساعات من ذلك؛ لهذا فإن ممارسة الرياضة قبل النوم تؤخر حلول النوم، بسبب دورها في رفع درجة الحرارة الداخلية.
وتختلف الإيقاعات النهارية – الليلية باختلاف الأفراد، فيُوصف البعض بكونهم “مسائيين”، أي إنهم يفضلون النوم والاستيقاظ متأخرين، ويكونون في أحسن أحوالهم مساءً، مقابل “الصباحيين”، الذين ينامون ويستيقظون باكرًا، وهم غالبًا أشخاص ولدوا في فصل الخريف، بينما المسائيون غالبًا ما يكونون من مواليد فصل الربيع، والإفراط في هذا الاتجاه أو ذلك يؤدي إلى أمراض، فمثلًا كل شخص لا يشعر بالإرهاق قبل الثانية صباحًا مصاب بمتلازمة تأخُّر طور النوم، مما سيؤثر سلبًا في حياته المهنية والاجتماعية، وهذا منتشر في مجتمع المراهقين والشباب، ويتأثر النظام النهاري – الليلي أيضًا باضطرابات النوم الناتجة عن الفرق في التوقيت بين أنحاء العالم المختلفة، للتكيُّف مع توقيت البلد المسافر إليه أو توقيت العمل المطلوب.
الفكرة من كتاب كيف ننام؟
ينام الجنين في الرحم، ويخرج إلى الوجود نائمًا ليظل الشهور الأولى من عمره مستسلمًا للنوم، حتى ينتظم إيقاع نومه ليلًا، وتتواصل حياة الشخص لتقلَّ ساعات نومه، فما النوم؟ هل تتوقَّف الحياة خلاله؟ أم هو مرحلة استراحة؟ وما فوائده؟ تحاول العديد من العلوم الإجابة عن تلك التساؤلات وغيرها، فيسعى هذا الكتاب هنا إلى الإجابة عن تلك الأسئلة وغيرها، كما يتطرَّق إلى مسألة الحرمان من النوم، وتأثيرها في الأنشطة الفكرية، ويحاول أن يساعد الجميع وبخاصةٍ الأدمغة الصغيرة النائمة في إدراك فائدة النوم ومتعته.
مؤلف كتاب كيف ننام؟
إيزابيل أرنوف: كاتبة وباحثة في علوم الأعصاب، حاصلة على الدكتوراه في الطب، ومن مؤلَّفاتها في سلسلة “ثمرات من دوحة المعرفة” كتاب: كيف نحلم؟
دلفين أودييت: كاتبة، وتحضر الدكتوراه في مجال علوم الأعصاب بجامعة بيبر وماري كوري بإشراف الدكتورة إيزابيل أرنولف.