الإيدز بين الأدب والمجتمع
الإيدز بين الأدب والمجتمع
تفرض تسميات المرض المختلفة نوعًا من الفصل، فهي تفصل الأصحاء عن المرضى والمرضى بالفيروس عن المصابين بالإيدز، وتؤكد هذه التسميات أن المرض يمر بمراحل عديدة، وهذا ما أكسبه صفة “قاسي العود” للدلالة على نموه وتحوله المستمر، كما يؤكد تعدد التسميات حتمية تحول الفيروس والإصابة بالمرض، و يعتمد فحص الإيدز على الاختبارات المعملية أكثر من السريرية، ويعزف المريض عنها لعلمه بعدم توافر علاج ولما سيترتب عليه من وضعه على قائمة أسماء ستسبب له العار والوصم والعقاب، كالنقل من الوظيفة أو خسارتها، والفحص الإجباري للمحيطين به، وعدم القدرة على السفر، ونتيجة لهذا يتزعم الطب الروحي البديل النمط العلاجي للمرضى بدلًا من تلقيهم علاجًا حقيقيًّا.
وبالرغم من أن الإيدز والزهري يحملان التصنيف نفسه كأمراض جنسية، فلم ترتبط بالإيدز أي صفات رومانتيكية في الأدب، بينما ربط الأدب الرومانتيكي الزهري بنشاط العقل المحموم، وذلك بسبب تأثير المرض في العقل في مراحله الأخيرة، إذ صوِّر المرض بأنه يعطي لصاحبه سنوات من الإبداع الأدبي والتميز العقلي قبل أن يؤدي به إلى الجنون في النهاية، وهو ثمن لا يرفض صاحبه دفعه كما تصور روايات الأدب الرومانتيكي، وتظهر هنا بدايات تحول المرض النفسي والعقلي إلى نوع من التميز، وهو الوهم الذي سيطر على القرن العشرين.
الفكرة من كتاب المرض كاستعارة
الاستعارة -اصطلاحًا- هي رفع المعنى من شيء وتحويله إلى آخر، تساعدنا الاستعارات على التحليل والتفسير أحيانًا، وقد تكون سببًا للتضليل وسوء الفهم أحيانًا أخرى، تحاول الكاتبة تجريد الاستعارات المتعلقة بالأمراض المختلفة من معانيها، وذلك من خلال تحليل ونقد الاستعارات المصاحبة للأمراض الشائعة التي اكتست بعديد من الصفات والصور واستُخدِمت في الأدب والسياسة وحتى اللغة اليومية.
فقد كتبت “المرض كاستعارة” على إثر إصابتها بالسرطان، إذ شعرت الكاتبة بالغضب من تلك الاستعارات حين عرفتها بعد إصابتها بالمرض، فقررت التضامن مع كل المرضى وتحريرهم من العبء النفسي والاجتماعي المصاحب للأمراض.
فما هذه الأمراض؟ كيف تُصوَّر الأمراض المختلفة في الأدب والروايات؟ وكيف تتغير النظرة إلى المرض مع تغير العصر؟ وهل تعد الأمراض الجنسية عقابًا؟ وكيف تستغل الأيديولوجيات السياسية المختلفة الأمراض لصالحها؟ وأخيرًا هل تعزل الأمراض الفرد عن المجتمع؟
مؤلف كتاب المرض كاستعارة
سوزان سونتاج: ناقدة وروائية ومخرجة وسيناريست ومؤرخة أمريكية الجنسية، حاصلة على ماجستير في الآداب من جامعة هارفارد، كما أنها عضوة في الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب، ولدت عام ١٩٣٣ في السادس عشر من يناير، وتوفيت عام ٢٠٠٤ بعد الإصابة بسرطان الدم للمرة الثالثة، لها عديد من المواقف الإنسانية كناشطة لحقوق الإنسان، ويذكر لها سفرها إلى مدينة سراييفو للتضامن مع المدينة في أثناء حصارها عام 1989 ومُنِحَت لقب مواطنة شرفية، كما حصدت عديدًا من الجوائز كجائزة السلام الألمانية للكتب وجائزة الكتاب الوطني، كما مُنِحَت وسام الفنون والآداب الفرنسي.
من مؤلفاتها:
الالتفات إلى ألم الآخرين.
أبعاد الصورة.
ضد التأويل ومقالات أخرى.
حول الفوتوغراف.
معلومات عن المترجم:
حسين الشوفي: مترجم له عديد من الأعمال، منها:
استخلاص وقصص أخرى.
الكتب في حياتي لكولن ولسون.