الإنسان والنفس
الإنسان والنفس
النفس كالبحر، فأنت تجد الأمان فقط على شاطئه، وكلَّما توغلت أكثر زادت حيرتك واضطرابك، فهي تستعصي على مبضع الجراح وبوتقة الاختبار، من هنا كانت الصعوبة في محاولة التعرف على هذا الكائن وعلى طبيعة العلاقات المتبادلة بين الفرد ونفسه، وهي رغم ذلك تُعد العامل الأساسي في تشكيل نظرة الفرد إلى مجتمعه، لذا حاول الفلاسفة جاهدين استكشاف غياهب هذا السرداب السحيق.
ولعلَّ من أبرز عجائب النفس البشرية أنها تمتلك القدرة على صبغ الواقع المُشاهَد بصبغتها، فنجد أن نظرة الإنسان إلى نفسه تنطبع على علاقاته المشاهَدة بالعالم الخارجي، فالبخيل عند نفسه مقتصد بينما يرى غيره مسرفًا، كما أن الفرد يسعى جاهدًا إلى تغطية عيوبه بستر من الإنكار أو الحيل الدفاعية، كما أنه يقاوم كل محاولة من شأنها أن تؤدي إلى هتك أستاره ولو حتى من قِبل نفسه أو ضميره!
بل من الأمور المثيرة للانتباه أن بعض النزعات الخفية -وربما تكون غير مرغوبة أيضًا- قد تكتسب من واقعها المحيط قوة تدفعها إلى الظهور مجددًا بعدما ظن الإنسان أنه وأدها يومًا ما! لكن الصحيح أنه تم كبتها فقط، أي تم نقلها من الجانب المعلوم للنفس إلى سردابها المجهول، لذا فهي قد تظهر في أي وقت إذا تم استدعاؤها مجددًا.
الفكرة من كتاب مبادئ التحليل النفسي
يتناول الكتاب أحد أهم العلوم وأكثرها إثارة وغموضًا ألا وهو علم “التحليل النفسي”، هذا العلم الذي لا يقتصر فقط على كيفية قراءة النفس البشرية، بل يتعدَّى ذلك إلى محاولة التحكم فيها!
وعلى ذلك فالكتاب يقتحم خبايا التحليل النفسي ويتجشَّم خطورة النزول إلى سردابه، موضحًا أهم مبادئه وتفسير أشهر المصطلحات المستخدمة فيه، مع التعريج على أبرز تطبيقاته في العلوم الحياتية.
مؤلف كتاب مبادئ التحليل النفسي
محمد فؤاد جلال: كاتب مصري، يعدُّ أحدُ أبرزِ روَّاد التربية الحديثة، حصل على بعثةٍ لدراسة علم النفس في إنجلترا، حيث نالَ دبلوم علم النفس مع مرتبة الشرف عامَ ١٩٤٠م. وبعدما رجع مِن البعثة امتهن التدريس ﺑ”معهد التربية العالي للمعلمين”، وظلَّ به حتى عُيِّن رئيسًا لقسم التربية وعلم النفس، كما عمل أستاذًا لعلم النفس في كلية البنات.
وقد شغل العديد من الوظائف، منها: وزير الثقافة والإرشاد القومي، ووكيل مجلس الأمة وسفير مصر (بعدة دول)، كما ترأَّسَ مؤتمرَ الخِرِّيجين العرب، ومؤتمرَ التضامُن الآسيوي الأفريقي، وكَتبَ مئاتِ البحوث والمقالات، ويُعدُّ كتابا «مبادئ التحليل النفسي» و«اتجاهات في التربية الحديثة» من أهم كُتبِه، وقد استمرَّ عطاؤه حتى وافَتْه المنية عامَ ١٩٦٢م.