الإنسان مفطور على الارتباط بالشعائر
الإنسان مفطور على الارتباط بالشعائر
الإنسان كائن شعائري بطبعه ولا يمكنه الهروب من هذه الحقيقة، وعلى الرغم من الادعاء بأن الإنسان في العصر الحديث قد استطاع تجاوز الشعائر التي يُنَظَّر لكونها أطلالًا من العصور الأولى للبشرية، فإن الإنسان لحظة ما ارتبط بمجتمع -أي مجتمع- فلا بد أن يصاحب ذلك نوع من الشعائر، وإن لم يُصطَلَح على تسميتها بهذا الاسم، فإن لم توجد فسوف يضطر إلى اختراعها.
وأشهر الأمثلة على ذلك في الأنظمة الملحدة تمامًا التي حُكِمَت بالشيوعية، والتي تم فيها سحق أي مظهر للتديُّن بكل أشكاله وشعائره، فسرعان ما حلَّت الأيديولوجية برموزها ومبادئها محلها لتنسج دينًا جديدًا بطقوس وأعياد يتجمَّع لها الناس ويهتفون لها، وإن قيل إنها أنظمة فاشية بائدة تم تجاوزها لصالح النموذج الغربي، فلا شيء أكثر دلالة من نمط الحياة الغربية على مركزية الشعائر والطقوس في الحياة اليومية التي تكاد تكون أشد قسرًا وإن كانت بطريق غير مباشر؛ فاليوم لا بد أن يحتفل الإنسان بعيد ميلاده ويتابع فريقًا في رياضة ما بطقوس تشجيع معينة، وأن يحتفل بتخرُّجه ويلبس الزي والقبعة وأن يتزوج وفقًا لطقوس مبهرجة، كل هذه الأشياء التي تحدث ربما يغيب عن فاعليها أنها شعائر، وأن بعضها قد يكون انعكاسًا لشعائر قديمة بالفعل مع تغيير في الاسم أو بعض التفاصيل، لكنها تظل شعائر وإن جحدوا تسميتها.
لكنها ورغم ذلك كله شعائر لا تخدم إلا الحاجات الدنيوية المادية للإنسان وجزء العقل الأدنى الذي يشترك فيه مع سائر المخلوقات، فوحدها الشعائر الدينية (وعلى رأسها الصلاة) التي تحقِّق للإنسان وجوده واستحقاقه الإنساني وتصله بأبعاد أخرى تتجاوز هذا الواقع المادي الضيق، ولا يجد الكاتب مفهومًا أدق من مفهوم (الردة) قد يصف به الحالة التي ينحدر بها الإنسان مختارًا إلى القاع، إلى مصاف الدواب، تلك الحالة التي يصل إليها إذا توقَّف عن الصلاة.
الفكرة من كتاب المهمة غير المستحيلة الصلاة بوصفها أداة لإعادة بناء العالم
“كان من المؤلم جدًّا أن الناس لا يصلون.. ولكنه كان من المؤلم أكثر، أنهم إذا صلوا، ربما لا يتغيرون..”!
يهدف الكاتب في هذا الكتاب إلى توضيح دور الصلاة ليس فقط لكونها شعيرة أساسية للدين، وإنما تمتد لتشمل حياة الفرد المسلم كلها، والتي إذا تم تطبيقها كما شرعها الله (عز وجل) فإنها سوف تحدث تغييرًا شاملًا في حياة الفرد والأمة.
مؤلف كتاب المهمة غير المستحيلة الصلاة بوصفها أداة لإعادة بناء العالم
الدكتور أحمد خيري العمري: طبيب أسنان عراقي المولد، صدر له العديد من المؤلفات التي تقدم رؤية جديدة تتجاوز الجمود السائد وتتحفَّظ ضد التجديد المنحل، ومن أهمها: “البوصلة القرآنية”، و”استرداد عمر من السيرة إلى المسيرة”، وسلسلة “كيمياء الصلاة”، بالإضافة إلى بعض الأعمال الروائية مثل “كريسماس في مكة”، و”بيت خالتي”.