الإنسان: متذمِّر.. مقارن.. متكيِّف
الإنسان: متذمِّر.. مقارن.. متكيِّف
الإنسان في مجمله كائن معقَّد على مستوى الأفكار والمشاعر والتخوُّفات والتطلُّعات، ولذا فإن العلوم الإنسانية لا تسير وفق ما تسير به العلوم الطبيعية بشكل مضطرد ومتطوِّر على نحو ثابت وخطي، ومحاولة فهم ولو شيء بسيط من الطبيعة البشرية يسهل على الإنسان نفسه أن يفهم بشكل واضح ولو بسيط ما يجري حوله حتى يتفاعل معه ويستفيد منه.
على الرغم من أن التذمُّر والشكوى أمر سيئ للوهلة الأولى فهو تعبير عن انزعاج المرء تفاعلًا مع أمر لا يرضيه إلا أن بعضًا منه جيد في الحقيقة ومطلوب، فكثير من التطورات والتغيرات المفيدة التي حصلت في أحوال الناس كانت بسبب شكواهم من أوضاعهم الراهنة، فكانت الشكوى حافزًا لهم على التغيير.
وفي عصرنا الحالي هناك عوامل زادت من نسبة الشكوى والتذمُّر لدى الناس، كالتقدم الحضاري مثلًا، فزادت بسببه تطلُّعات الناس إلى الرفاهية، وتكميل أوضاعهم المعيشية لتعدُّد الخيارات أمامهم ووجود مساحة من المقارنة مع الآخر، وبالطبع فإن المقارنة ليست مذمومة، بل هي مما فُطِر عليها الإنسان أيضًا، لكن حتى تؤتي المقارنة ثمارها ولا تكون وبالًا على أصحابها مدعاةً للشكوى الدائمة علينا أن نكون موضوعيين فنحاول قدر الاستطاعة أن تكون المعلومات التي تساعدنا في عملية المقارنة معلومات صحيحة، وأن نبتعد عن أي تعصُّب للهوى الذي يؤثِّر قطعًا في نتيجة المقارنة، ولا بد أن نوقن أن النتيجة التي سنصل إليها في نهاية المقارنة هي نتيجة ظنية، لوجود عوامل كثيرة لا نستطيع الإحاطة بها أثناء إجرائنا للمقارنة، وعلينا أيضًا أن نستعمل لكل مقارنة أدواتها المعرفية الخاصة بها، فالمقارنة بين أسرتين يختلف عن المقارنة بين دولتين، وهكذا.
وعلى الرغم من أن الإنسان قد يكون متذمِّرًا أحيانًا مما يجري حوله ومن أوضاعه الشخصية إلا أنه قادر على التكيف بما وهبه الله من إمكانات ومواهب تساعده على مواكبة التحديات والتطورات الحياتية المستمرة، وجزء من هذا التكيف هو عطاء من الله كما ذكرنا لكن جزءًا آخر منه هو اختيار من الإنسان يقوم به بمحض وعيه وإرادته، وهذا من الذكاء لأن التكيُّف يتيح للإنسان رؤية فرص جديدة والتغلُّب على تحديات قائمة في الوضع الذي يعيشه، وبالتالي تنمو وتتسع مداركه بشكل أكبر.
الفكرة من كتاب هي.. هكذا: كيف نفهم الأشياء من حولنا/ الجزء الثاني
نستكمل في هذا الكتاب ثلاثين سنَّة أخرى من السنن المتعلقة بالإنسان والمجتمعات، بما عوَّدنا عليه الدكتور عبد الكريم بكار من اللغة السهلة والمعاني الواضحة.
مؤلف كتاب هي.. هكذا: كيف نفهم الأشياء من حولنا/ الجزء الثاني
الدكتور عبد الكريم بن محمد الحسن بكَّار: مؤلف وداعية إسلامي، له العديد من الإسهامات في المجال التربوي والفكري وشارك في العديد من الصحف والمجلات وفي تقديم البرامج الإذاعية والتلفزيونية، إلى جانب إسهاماته الأدبية ودراساته الأكاديمية المتخصِّصة، ومن ذلك:
أثر القراءات السبع في تطوُّر التفكير اللغوي.
ابن عباس، مؤسس علوم العربية.
الصفوة من القواعد الإعرابية.