الإنسان كائن محتاج
الإنسان كائن محتاج
تنحصر حياة كل شخص، وفقًا للكاتب، في قصتين رئيستين للحب؛ أما الأولى فهي قصة الحب الفطري بين الجنسين، وهذا لا إشكال فيه بالنسبة للمجتمع المعاصر، ومعلن عنه ويُحتفى به في النظم الفنية المختلفة من شعر ونثر وفنون مختلفة، وأما الثانية، وهي لا تقل حرارة عن الحب الجنسي فهي سعي الشخص وراء حب الناس له وجذب الاهتمام منهم، ولكن على الرغم من ذلك فإن المجتمع ينظر إلى تلك القصة على أنها مشينة ومثلها مثل الحسد؛ من يتصف بها ويحاول إظهارها لدى الناس فمن الممكن أن يتصف بعدد من الصفات السلبية، كالنرجسية والسعي للاهتمام Attention-seekers بكل ما يوحي به ذلك المصطلح من دلالات سيئة.
وبالتالي فإن تفسير سعي الأشخاص نحو مراكمة الثروات والسعي لسلطات أكبر يعتمد بشكل أساسي على تقديرنا لمدى الحب الذي سنتلقَّاه مقابل استحوازنا على تلك الثروات، وبالتالي فهي رموز يسعى الأفراد لامتلاكها لجذب انتباه الآخرين إليهم وتوجيه بوصلة الحب نحوهم وإحساسهم بالأمان تلقاء تلك النظرة، وعلى الرغم من أنه لا ينبغي لنا أن نتجاهل الآثار الاقتصادية الناتجة من اكتساب المكانة المرتفعة والابتعاد عن المكانة المتدنية، فإن افتراض وجود ذلك الاهتمام بحب الآخرين ينبغي كذلك ألا يعتبر مصدرًا ثانويًّا لا يُعوَّل عليه؛ فمراكمة الثروات من قبل الأشخاص قد تتجاوز الحد الطبيعي الذي يكفي أجيالًا عديدة لاحقة للشخص، فلا يسعنا هنا تبرير تلك المكانة بالصيغ الاقتصادية ولا نتجاوزها إلى ما وراءها من دوافع.
الجدير بالذكر أن ذلك الأمر، وهو احتياج الأشخاص إلى الحب والاهتمام، ليس بالضرورة نابعًا من حب الذات، بل إنه يعتمد بالأساس على تقدير الآخرين، وفي ذلك يقول المؤلف: “يُعدُّ اهتمام الآخرين مهمًّا لنا لأننا بحكم طبيعتنا مبتلون بانعدام يقين نحو قيمتنا الخاصة.. إن إحساسنا بالهوية أسير في قبضة أحكام من نعيش بينهم”، وعلى ذلك تكون صورتنا إزاء العالم وحاجتنا إليه شيء مبرَّر له الوجود.
الفكرة من كتاب قلق السعي إلى المكانة: الشعور بالرضا والمهانة
يناقش الكتاب أسباب سعي الأفراد نحو مكانة أعلى وما يستتبعه ذلك من ثروات ورفاهة وراحة أكبر، مفترضًا بذلك أنه وهم مأمول لا يساعدك على الصفاء النفسي، وإنما يساعد على زيادة القلق من خسارة المكانة المكتسبة والمتطلَّع إليها، ما يجعل حياة الفرد بلا معنى، كما يناقش الوسائل الممكنة لمحاولة الحد من تلك الآثار السلبية للقلق لينزل بك إلى أرض الواقع مرة أخرى.
مؤلف كتاب قلق السعي إلى المكانة: الشعور بالرضا والمهانة
آلان دو بوتون: فيلسوف وكاتب بريطاني من أصل سويسري، حاصل على درجات جامعية مختلفة في الفلسفة والتاريخ والفن، وله عدد كبير من المؤلفات تصل إلى 15 مؤلَّفًا تتنوَّع ما بين الكتب الفلسفية والمتعلقة بالتاريخ والفنون، ومنها ما هو متعلِّق بأنماط التديُّن والدين، وقد بدأ الكتابة من عام 1997 بكتاب “كيف لبروست أن يغير حياتك”، ومن أشهر كتبه المترجمة إلى العربية كتاب “عزاءات الفلسفة” المنشور عام 2000، وقد ألَّف آخر كتاب عام 2016، وهو كتاب “دورة الحب”.
معلومات عن المترجم
محمد عبد النبي: كاتب ومترجم مصري، وله عدد من الروايات والترجمات التي حصلت على جوائز متعدِّدة، ومن أبرز رواياته “في غرفة العنكبوت”، ومن أبرز ترجماته إضافة إلى هذا الكتاب هو كتاب “كراهية وصداقة وغزل وحب وزواج” لأليس مونرو.