الإنسان ضد الآلة
الإنسان ضد الآلة
تمنح اللوغاريتمات والداتا الضخمة الآلةَ إمكانية التصرف بمفردها دون الحاجة إلى الإنسان، فالتطور التكنولوجي في مجال الذكاء الاصطناعي أخذ على عاتقه تغيير شكل عالم الأعمال بلا رجعة، فانتزعت الآلات المهام التكرارية من الإنسان وأصبحت تؤديها بدقة وسرعة مرتفعتين، ويسارع كل القائمين على مجالات الصناعة والخدمات إلى أتمتة أعمالهم لتوفير التكلفة وزيادة الكفاءة، مما وضع الإنسان في منافسة محكوم عليها بالفشل المسبق مع الآلة.
قد يعترض البعض عند الإشارة إلى تهديد الآلات للعمال ويلفت نظرنا إلى المجالات الجديدة التي تفتحها تلك التكنولوجيا أمام الراغبين في العمل، ولكنهم يتجاهلون الطبيعة المختلفة للأعمال الجديدة التي تقتصر على وظائف إبداعية معدودة، غير متاحة أمام الجميع وخصوصًا من فقدوا أعمالهم للآلات، ويطرح الباحثون السؤال التالي، هل ستخرج الآلات عن سيطرة الإنسان مستقبلًا أم إننا مستعبدون وتحت رحمة الآلات حاليًّا؟
وفي وضع الإنسان منافسًا لآلة لا تتعب، يخلط بين أوقات الراحة والعمل والتسلية، فيستمر في العمل بأي وقت حتى في بيته، وتحولت القيم الإنسانية في بيئة العمل إلى كميات نفعية، فالصداقة لا تفهم كنهها الأرقام، وفي سبيل زيادة كفاءتنا الوظيفية نستعين ببعض التطبيقات الذكية كمحسنات، وبتوكيلنا لها بعض مهامنا كالتذكر والتنظيم تتدهور تلك الإمكانات لدينا بمرور الوقت وزيادة الاعتماد على التطبيقات.
ويبقى المجال الوحيد الذي يمثل المهرب للإنسان من آلامه في العصر الرقمي هو الانغماس في الترفيه، خصوصًا مع استخدامه وسيلةً للانشغال عن سؤال المعنى والموت، ولكن حتى عندما نهرب فإننا نقع في فخ جديد وهو هذيان الرغبة، فإدمان الإباحية والترفيه وألعاب الفيديو ينتج كميات رهيبة من الداتا المستغلة في دراسة انفعالاتنا وردود أفعالنا لتحسين المنتجات التي نرغب فيها.
الفكرة من كتاب الإنسان العاري.. الدكتاتورية الخفية للرقمية
كتب جورج أورويل روايته الشهيرة “1984” عن عالم خيالي، أفراده مراقبون باستمرار من الحاكم الذي يطلق عليه الأخ الكبير، فما مدى تشابه عالمنا الرقمي مع عالم جورج أورويل؟ منذ أن تفتح عينيك وتتصل بالإنترنت تبدأ مراقبتك، فالداتا تحل محل الأخ الكبير، وتتشابه الرغبة في السيطرة لديه مع شركات الداتا العملاقة، فلماذا ترى المؤسسات التكنولوجية العملاقة بياناتك كنزًا ثمينًا؟ وما تأثيرات العيش في عالم رقمي في إدراكنا ووعينا؟ أين ذهبت الخصوصية والمراقبة السياسية لتكنولوجيا المعلومات؟ وهل ستقودنا الداتا إلى عالم تسيطر عليه الآلات وتستعبد البشر؟
مؤلف كتاب الإنسان العاري.. الدكتاتورية الخفية للرقمية
مارك دوغان : كاتب صحفي وروائي ومخرج سينمائي فرنسي، ولد بالسنغال عام 1957م.
كريستوف لابي: مؤلف وصحفي بمجلة لوبون الفرنسية
معلومات عن المترجم:
سعيد بنݣراد | Said Bengrad: مفكر وباحث وأستاذ السيميائيات بكلية الآداب جامعة محمد الخامس أكدال بالرباط بالمغرب، وهو المدير المسؤول لمجلة “علامات”، وهي مجلة متخصِّصة في الدراسات السيميائية، نشر عديدًا من المؤلفات منها:
مدخل إلى السيميائية السردية.
البحث عن المعنى.
ومن ترجماته:
-أنا أوسلفي إذن أنا موجود.. تحولات الأنا في العصر الافتراضي.