الإنسان المكثف
الإنسان المكثف
يستهدف الإنسان المكهرب أو المكثف تحقيق ذاته بأكبر قدر ممكن، إنه فضولي ناحية كل المشاعر، ويرغب في أن يختبر الألم رغبتَه في عيش المتعة، ما دام شعوره دائم التنوع ويشعره بالحياة.
يعد إباحي القرن الثامن عشر التجسد الأول للإنسان المكثف في الحداثة الغربية، لا يعترف الإباحيّ بأي معايير أخلاقية سوى تكثيف شعوره، لأنه يرغب في عيش حياة مضاعفة لحياة الإنسان العادي، حياة يدعم كثافتها المتعلقة بجسده وإثارته.
أما الإنسان الذي عاش في أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر فهو الرومانسيّ الذي تبنى نموذج كثافة الطبيعة التي تتردد في أعصابه كما تتردد العواصف الرعدية في السماء.
إن النموذج الحديث هو المراهق عازف الروك، فالمراهق كائن هرموني مليء بالرغبة والغضب، وقد أعطاه الجيتار صورة صوتية عنيفة ومبتهجة لنشأته داخل مجتمع استهلاكي غير راضٍ بأي شيء.
أصبحت الكثافة طريقة شائعة لتعديل الحياة بعد انتشارها في القرن العشرين، وبذلك صار من الضروري ارتباطها بأخلاق أكثر عمومية، إلا أنه سرعان ما أُدرِكَ أن محتوى الكثافة أقل أهمية من طريقتها وشكلها الواسع الانتشار، وبذلك أصبحت الكثافة مبدأً إيطيقيًّا أكثر من كونها مبدأً أخلاقيًّا، وهذا لأن الأخلاق تعتمد على الصفة، بينما يعتمد موضوع الإيطيقيا على الظرف.
وها قد أصبح واضحًا أنه قد يختلف الجميع على ما ينبغي عيشه، إلا أنهم بالتأكيد سيتفقون على طريقة واحدة للعيش وهي العيش بشكل مكثف، دون أن يدروا العوائق التي تنتظرهم في سبيل تحقيق ذلك!
الفكرة من كتاب الحياة المكثفة: هوس الإنسان الحديث
يعيش الإنسان حياته باحثًا عن الحياة، عن لحظات كهربائية تنعشه وتجعله يصيح “هكذا هي الحياة!”، صار الإنسان المعاصر سريع الملل دائم الرغبة في أن يجرب كل الشعور، وأن يملك كل شيء، وأن يعيش، لا يعيش فقط، بل يعيش بعمق وتنوع وجنون، وأن يعيش بكثافة.
يناقش الكتاب الكثافة باعتبارها مفهومًا فلسفيًّا، ويبحث سبب وكيفية اعتماد الإنسان عليها كنموذج حياتي، ويتطرق إلى مصير الإنسان المحتوم!
مؤلف كتاب الحياة المكثفة: هوس الإنسان الحديث
تريستان غارسيا: فيلسوف وروائي فرنسي، عمل أستاذًا في جامعة أميان، ويعمل حاليًّا مدرسًا مساعدًا في قسم الفلسفة بجامعة ليون، نُشر له عديد من الأبحاث في مجال الميتافيزيقيات.
من أعماله:
Form and Object: A Treatise on Things.
Hate: A Romance.
معلومات عن المترجم:
صلاح بن عيّاد:كاتب ومترجم تونسي، نُشر له عديد من المؤلفات والترجمات، من أعماله:
عودة الورود.
ارتعاشات النحات.
من ترجماته:
“قوة معادية”، لجون أنطوان نو.
“كلاب الحراسة”، لبول نيزان.