الإنتاج والاستهلاك
الإنتاج والاستهلاك
تمثل عمليتا الإنتاج والاستهلاك عصب الحياة الاقتصادية، بل لا يتصور ثمة اقتصاد من دونهما، فهما الوجه الآخر لعمليتي العرض والطلب، فأما الإنتاج فالاقتصاد الإسلامي يعتبر المفهوم الموسع إذ يدخل تحت مظلته أي نشاط من شأنه توليد المنافع أو زيادتها، سواء كانت مادية أو معنوية، ولكن هناك قيود فليس كل حاجة معتبرة، فالطرح الإسلامي لا يساوي بين الجنيه الذي يدفع لإطعام طفل جائع مع نظيره الذي يُدفع مقابل احتساء كأسٍ من الخمر كما تفعل المدارس الاقتصادية الأخرى!
وأما إذا جئنا إلى الطرف الثاني في المعادلة الاقتصادية ألا وهو الاستهلاك، فنجد أن غايته توليد منفعة لتحقيق الإشباع لحاجة ما، دون النظر إلى معايير قيمية تحكم عملية الإشباع تلك، فالمعيار في الاقتصاد الغربي إنما هو ذاتي للأفراد، بينما نرى النظرة الإسلامية تعتمد مبدأ الرشد الاقتصادي كمًّا وكيفًا، فمن ناحية تشجع أسلوب الاعتدال، فهي وسط بين طرفي نقيض هما البخل والإسراف، ومن ناحية أخرى تحرم السلع والخدمات الضارة، وهي في ذلك أيضًا لا تقتصر فقط على المنفعة المادية للاستهلاك، بل تهتم بالبعد الاجتماعي كذلك لما له من دور حيوي في سعادة الفرد ورفاهيته.
كما لا يغفل الاقتصاد الإسلامي الأثر البيئي المترتب على عمليتي الإنتاج والاستهلاك، لذا نجد القرآن الكريم كثيرًا ما كرر مصطلح “عمارة الأرض”، وهو أكثر شمولًا من مصطلح “الإنتاج”، فهو أقرب إلى التنمية المستدامة التي تهدف إلى الارتقاء المستمر بكل القطاعات منها إلى النمو الاقتصادي الذي قد يركز على بعض القطاعات دون بعض، فليس المهم أخذ العسل فقط ولكن لا بدَّ أيضًا من الحفاظ على الخلية، وهذا يُفهم منه أن عملية النمو الاقتصادي لا ينبغي أن تكون على حساب النظام البيولوجي للأرض ولا زيادة معدلات التلوث أو استنزاف الموارد على حساب حقوق الأجيال القادمة.
الفكرة من كتاب الأسس النظرية للاقتصاد الإسلامي
بعد الإعصار المالي الذي ضرب أسواق المال خلال الأزمة المالية العالمية 2008، برزت على السطح دعوات تطالب بالتعرف على الأسس الاقتصادية الإسلامية للاستفادة منها في كبح جنون الرأسمالية المعاصرة، وفي عام 2015 أقام صندوق النقد الدولي ندوة حوار عن مستقبل التمويل الإسلامي الذي تخطَّى حاجز الـ15% من التمويل العالمي، وهنا كان السؤال الأصعب: هل بالفعل توجد ثمة رؤية اقتصادية إسلامية؟ وما أبرز محدَّداتها؟ وهل تصلح بديلًا عن الأنظمة التقليدية المعاصرة؟ كل تلك الأسئلة وأكثر يجيب عنها المؤلف في هذا الكتاب.
مؤلف كتاب الأسس النظرية للاقتصاد الإسلامي
خالد بن سعد المقرن: كاتب، ومدير جامعة المجمعة بالسعودية. تخرج في جامعة الإمام، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد الإسلامي، ثم حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في ذات التخصص، وعمل أستاذًا مشاركًا، وتولى عمادة كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
من مؤلفاته: “اختلال هياكل الإنتاج في الدول الإسلامية: دراسة تطبيقية”، و”دراسة تحليلية للآثار الاقتصادية والاجتماعية للتمويل الربوي”، و”دور الدولة في تمويل القطاع الزراعي وأثره في رفع مستوى الإنتاجية”.