الإعلانات واقتصاد المشاعر
الإعلانات واقتصاد المشاعر
مشاعر الخجل وقلة الأمان لدى بعض الناس تدفعهم إلى اتخاذ قرارات سيئة، وإن استطعت الاستعانة بمخاوف الناس وإحساسهم بقلة الأمان، فسوف يشترون أي شيء تخبرهم بأنه سيعوض ذلك الإحساس المفقود، وهذا هو المبدأ الذي يقوم عليه علم الدعاية والتسويق والإعلانات، إذ يكون البحث عن النقاط المؤلمة لدى المستهلك أول الأشياء التي يتعملها من يدرس التسويق، وبعدها يتعلمون، خفيةً، كيف يجعلونها أكثر إيلامًا، فمن ناحية تسبب ذلك في إنتاج كل ما نراه من تنوع وثراء للاقتصاديين، ومن الناحية الأخرى زاد من الإحساس بالنقص وقلة الأمان لدى المستهلكين، فنرى آلاف الرسائل الإعلانية التي تستهدف الجميع يوميًّا، فلا بد من وجود عواقب نفسية لهذا الاستنزاف الحاصل لمشاعرنا.
الناس ينفقون المال على الأشياء التي تجعلهم يشعرون بالتحسن، وبتدفق المال تتدفق القوة، وعندما تكون قادرًا على التأثير في مشاعر الناس في العالم، فإنك تكون قادرًا على جمع مزيد من النقود، كما تفعل شركات التجميل وغيرها. ولخلق قيمة في السوق هناك مرحلتان، الأولى هي: الابتكار والتجديد عن طريق تطوير الألم، والثانية هي التخدير الكلي لتفادي الألم، ويؤدي ذلك إلى التدهور العام، فكلما كثر تخديرك، صارت عودة ذلك الألم أكثر شدة، ومع ازدياد مستوى الدخل والصحة عند كثير من البلدان، يتحول القسم الأكبر من النشاط الاقتصادي من الابتكار والتجديد إلى التسلية، وعندما تتحول وجهة الاقتصاد الأولى إلى التسلية، فإن الثقافة تتحول أيضًا، ولذا تجد أن مقياس الرخاء يكف عن الارتفاع في الدول المتقدمة، بل يهبط في كثير من الأحيان، جالبًا معه حالات القلق والاكتئاب.
الإنترنت ابتكار أصيل بكل معنى للكلمة، فهو قد حسن حياتنا بشكل جوهري، ولكن المشكلة تكمن فينا نحن، فلقد نَسِي المخترعون والمنشغلون بالتكنولوجيا، أن العالم لا يسير بالمعلومات، بل يسير وفق المشاعر والعواطف والانفعالات، فعندما تُقدم للإنسان العادي خزانًا لا نهائيًّا من الحكمة والمعرفة، لن يبحث في غوغل عن ما هو صحيح، بل سيبحث عن ما يحتاج إليه، ولذا فقد كان الإنترنت مصمّمًا ليعطينا ما نريده، وينتج علم التسويق الحديث سُبلًا لا حصر لها، لتأثير الحكومات في مواطنيها وتهدئتهم، والمزيد من وسائل التسلية يجعلنا أكثر عرضة للهشاشة والضعف النفسي، فالشركات الكبرى تتعامل معنا كأننا وسيلة لا غاية، فشركة مثل فيسبوك تسرق بياناتك الشخصية، وتبيع هذه المعلومات لمن يدفع أكثر.
الفكرة من كتاب خراب (كتاب عن الأمل)
هل تساءلت يومًا عن ما يجعل الناس يشعرون عن الدوام أنهم أكثر قلقًا وتعاسة، على الرغم من ازدياد حياتهم يسرًا؟ وهل فكرت يومًا أن ازدياد إمكانية تواصلنا مع الناس جعلنا أكثر تباغضًا؟ إننا نعيش زمنًا عجيبًا، فكل شيء صار في متناول اليد، ولكن لسببٍ ما كل شيء يبدو سيئًا لحد فظيع لا يمكن تداركه. في هذا الكتاب يُُحول مارك مانسون أنظارنا إلى العيوب التي لا مهرب منها داخل نفس كل إنسان منا، وكيف أن الإفراط في أشياء جيدة كالإنترنت، وعالم التسلية، وعلاقاتنا بالمال، يأكلنا أحياء من الناحية النفسية. وستجد عزيزي القارئ بداخل هذا الكتاب إجابات لجميع تساؤلاتك عن ما يجعل الحياة جديرة بأن تُعاش، ولماذا نجد أنفسنا تحت وطأة إحساس طاغٍ بانعدام الأمل.
مؤلف كتاب خراب (كتاب عن الأمل)
مارك مانسون: كاتب ومدّون أمريكي، وُلد في تكساس عام 1984، درس وتخرج في جامعة بوسطن، وأطلق أول مدونة له في عام 2009، وتجتذب مدونته على الإنترنت أكثر من مليوني قارئ شهريًّا، ويُعد كتابه فن اللا مبالاة – لعيش حياة تخالف المألوف، من أكثر الكتب مبيعًا على مستوى العالم.
معلومات عن المترجم:
الحارث النبهان: مترجم سوري مقيم في بلغاريا، حاز على إجازة جامعية في الهندسة الميكانيكية من جامعة دمشق، كانت بدايات عمله في الترجمة سنة 1991، وصدر له أكثر من ثلاثين عملًا مترجمًا، من أهمها: رواية 1984 لـ جورج أورويل، كتاب فن اللا مبالاة لـ مارك مانسون، رواية حب وقمامة لـ إيفان كليما.