الإعدادات الافتراضية
الإعدادات الافتراضية
في الوقت الحالي تتنافس قوتان هائلتان للسيطرة على كل دقيقة من وقتك، القوة الأولى هي ما نسميه بـ “موضة الانشغال”، ويقصد بها ثقافتنا المتمثلة في الانشغال الدائم، كفيض الرسائل التي تجتاح بريدك الإلكتروني، وقوائم المهام التي لا نهاية لها، والنتيجة لتلك القوة أنك تملأ كلَّ دقيقة من وقتك بالعمل كي لا تتخلف عن الركب، والقوة الثانية هي “المؤثرات اللا نهائية”، ويقصد بها التطبيقات وغيرها من مصادر المحتوى المتجدد على نحو لا نهائي، وأنت تظن بأن هذا النوع من الترفيه المتاح طوال الوقت مكافأة لك عن الإرهاق الناتج عن الانشغال الدائم، ولكن هل تساءلت قبلًا إذا كان ذلك الانشغال الدائم أمرًا إلزاميًّا حقًّا؟ أو هل يعد ذلك الإلهاء اللا نهائي مكافأة بالفعل؟
يقودنا هذان التساؤلان إلى ما يطلق عليه “الإعدادات الافتراضية” فكل من الانشغال الدائم والمؤثرات اللا نهائية يمثلان قوة هائلة لأنهما صارا إعدادًا افتراضيًّا لدينا، وفي لغة التكنولوجيا يقصد بكلمة “افتراضي” الطريقة التي يعمل بها جهاز ما عندما تستخدمه لأول مرة، أي إنه خيار محدد مسبقًا، وإذا لم تفعل شيئًا لتغيره ستحصل على ذاك الإعداد الافتراضي، وهناك إعدادات افتراضية في كل جزء من حياتنا تقريبًا، فلا يقتصر الأمر فقط على أجهزتنا، وحتى لو استطعنا انتزاع أنفسنا من موضة الانشغال سنقع في فخ المؤثرات اللا نهائية ونستجيب لها، وهذه الإعدادات الافتراضية النهمة تفترس كل لحظة من وقتك، وتخيل معي إذا قضيت أربع ساعات يوميًّا على هاتفك الذكي، ومثلها على جهاز التلفاز فسيتحول الإلهاء إلى وظيفة بحاجة إلى تفرغ كامل.
ربما تقول سأحاول توفير المزيد من الوقت والبعد عن تلك المؤثرات اللا نهائية، ولكنك يجب أن تحاول صنع الوقت لا أن توفره، وصنع وقتك لا يتطلب كمًّا هائلًا من الانضباط الذاتي، بل ينشأ التغيير بكل بساطة من إعادة ضبط الإعدادات الافتراضية، وهكذا لن تقف ضد التكنولوجيا لأنه بالفعل أصبح من الصعب عليك الاستغناء عنها، ولكنك ستعمل على التصدي للسلوكيات النمطية لعالمنا المهووس بالفاعلية، والمشبع بالالهاءات، وبمجرد أن تتولى زمام السيطرة على التكنولوجيا يمكنك أن تسيطر على وقتك، والآن هيا بنا لنعرف خطوات فعل ذلك.
الفكرة من كتاب اصنع وقتًا أكثر من المتاح.. أن يكون يومك أكثر من 24 ساعة.
مع السرعة وتسارع الوقت والهواتف التي لا تتوقف عن العمل طوال اليوم، تغيرت لغة الناس لدرجة عند سؤالك لأحدهم “كيف حالك؟” لن تتفاجأ إن أجاب عليك “أنا مشغول”، ومع ذلك تتعجب من أنك في نهاية كل يوم تجد نفسك مرهقًا مجهدًا، لا تعرف فيم انقضى يومك، وتتساءل متى ستمتلك الوقت لفعل ما تريد؟ ولذا جاء هذا الكتاب ليوضح لك ولي كيف نخفِّف من سرعتنا وسط حالة العجلة التي نُعايشها، وكيف نصنع الوقت للأشياء المهمة في حياتنا.
مؤلف كتاب اصنع وقتًا أكثر من المتاح.. أن يكون يومك أكثر من 24 ساعة.
جايك ناب : من مواليد عام 1977، وهو كاتب ومطورِّ برمجيات ومصمم أميركي، قضى 10 أعوام في Google وGoogle Ventures حتى أنشأ Design Sprint، وهي عملية تستغرق خمسة أيام وتستخدم مبادئ التفكير التصميمي للمساعدة على طرح المنتجات أو الخدمات في السوق بشكل أسرع، ودرب أكثر من فريق في أماكن مثل Slack وLEGO وIDEO وNASA حول استراتيجة التصميم وإدارة الوقت، كما عمل بالتدريس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وكلية هارفارد للأعمال حتى صار من أفضل المصممين في العالم.
ومن أبرز أعماله: كتاب sprint وشاركه جون زيراتسكي في تأليفه، وأصبح من أكثر الكتب مبيعًا في جريدة New York Times.
جون زيراتسكي : مؤلف ومصمم أمريكي، درس الصحافة في جامعة ويسكونسن، وتخرج بدرجة بكالوريوس العلوم في كلية UW للإيكولوجيا البشرية، حيث يعمل الآن مستشارًا للعميد وأعضاء هيئة التدريس، وهو شريك في Google Ventures للتصميم، ومؤلف مشارك في كتاب Sprint، وقبل انضمامه إلى Google Ventures كان مديرًا للتصميم في YouTube، وساعد في تطوير عملية التصميم السريع وعمل مع ما يقرب من 200 شركة ناشئة.
ومن أبرز أعماله: كتاب sprint الذي شارك جايك ناب في تأليفه.
معلومات عن المترجمة:
سمر حجازي: مترجمة لدى دار دَوِّن للنشر والتوزيع، ترجمت العديد من الأعمال منها: “استيقظ وعش”، و”دليل الآباء الوحيدين للتربية الإيجابية”.