الإصلاح الزراعي.. مِصر أنموذجًا
الإصلاح الزراعي.. مِصر أنموذجًا
تركزت الصراعات في جنوب العالم على النزاعات المتعلقة بالتفاوت الكبير في حيازات الأراضي الزراعية والإصلاح الزراعي، لأن من لا يملكون أي أراضٍ أو يملكون القليل منها يعدون من الفقراء، وكما نشأت الرأسمالية على السرقة والنهب والقتل والتدمير من أجل الاستيلاء على أصول جنوب العالم، فإنها استمرت في ذلك خلال العصر الحالي بنهب موارد إفريقيا الطبيعية والتعدينية، وكانت الأرض أيضًا تشكل محورًا رئيسًا بالنسبة إلى الطرق التي تعاملت بها الرأسمالية مع الفقراء والمزارعين، ومثال على ذلك تسارع الفقر في مِصر نتيجة زيادة ثروات أصحاب الأراضي، وقد ترتب على ذلك زيادة التمايز الاجتماعي وظهور الطبقية في الريف المصري، ففي الخمسينيات والستينيات تبنت الحكومة المصرية في عهد عبد الناصر منظومة الإصلاحات الزراعية القائمة على إعادة توزيع الأراضي الصالحة للزراعة، فوزعت سُبع أراضي مصر المملوكة لكبار ملاك الأراضي على أصحاب الحيازات الصغيرة والمستأجرين والفلاحين الذين لم يكونوا يملكون أي أراض أو كانوا يملكون القليل منها، فترتبت على هذه المنظومة ارتفاع الدخول في الريف، وتحسنت الإنتاجية الزراعية والتغذية، وتطورت البنية التحتية للريف.
وبعد انتهاء عهد عبد الناصر، وإعلان مصر الانفتاح على العالم، والتحرر الاقتصادي، تبنت الحكومة المصرية برنامجًا للإصلاح الزراعي قادته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية التي ركزت جهودها على إنهاء إرث الفترة الناصرية، وأعلن دُعاة الإصلاح الزراعي نجاح البرنامج بسبب الزيادات في القيمة الحقيقية لإنتاج المحاصيل في الثمانينيات وفي دخل المزارع وتوسيع المساحة المزروعة، وما زالت الحكومة المصرية والوكالات الدولية يعتمدون على البيانات المأخوذة عن الفترة المبكرة للإصلاح، على الرغم من عدم وجود أي تحسينات من التحرر الاقتصادي، وما زالت الزراعة في مصر تشهد حالة من الركود، ومن ثمَّ فشل الإصلاح الزراعي بشكل عام في خلق فرص عمل أو تخفيض الفقر في مصر.
واستمرارًا للتحرر الاقتصادي صدر القانون رقم 96 لسنة 1992، فألغى قانون الإصلاح الزراعي الناصري، فتمكن ملاك الأراضي من بيع أراضيهم وطرد المستأجرين، فعاد ترسيخ نفوذ الجماعات صاحبة الأراضي، فغيّر هذا القانون سُبل معيشة الفقراء بين عشية وضحاها، وكشفت الدراسات عن سقوط الأسر، خصوصًا التي كانت تعولها نساء، في الفقر والتمايز الاجتماعي المتسارع، وبدلًا من أن يؤدي القانون إلى تعزيز الاستقرار في الريف وتأمين الحيازة، وزيادة الرفاهية، قام بالعكس، فارتفعت مستويات الفقر والحرمان، وأصبح العمل أشبه بالعودة إلى حالة السخرة والعمل القسري!
الفكرة من كتاب الفقر والليبرالية الجديدة.. الاستمرارية وإعادة الإنتاج في جنوب العالم
يستعرض الكتاب أسباب الفقر والجوع في جنوب العالم رغم وجود غذاء كافٍ لمنعهما، ويُبين أن الجوع والمجاعات وانعدام الأمن الغذائي والفقر جزء أساسي من الرأسمالية الحديثة والليبرالية الجديدة، ومن ثمَّ من المستحيل القضاء عليهم تحت مظلة الرأسمالية، كما يوضح أن جهود تخفيف عبء الديون التي تثقل الدول الفقيرة والنامية ومبادرات التنمية، لن تغيِّر من هيكل الاقتصاد العالمي، ولن تقلل الفقر بسبب الخصخصة وتحرير التجارة وإصلاح الأسواق، ويكشف ذلك من خلال استعراض أحوال دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ودول إفريقيا جنوب الصحراء.
مؤلف كتاب الفقر والليبرالية الجديدة.. الاستمرارية وإعادة الإنتاج في جنوب العالم
راي بوش: هو أستاذ الدراسات الإفريقية في كلية السياسة والدراسات الدولية في جامعة ليدز، وعضو في المجلس الاستشاري لمركز الدراسات الإفريقية بجامعة ليدز، ونائب رئيس مراجعة الاقتصاد السياسي الإفريقي، حصل على درجة الدكتوراه في العامل الاستعماري والتحول الاجتماعي من جامعة ليدز، له عدّة مقالات، ومن كتبه:
Marginality and Exclusion in Egypt.
Counter-revolution in Egypt’s countryside: land and farmers in the era of economic reform.
Economic Crisis and the Politics of Reform in Egypt.
معلومات عن المترجمين:
إلهام عيداروس: هي كاتبة ومترجمة مصرية، حاصلة على بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة القاهرة، وماجستير القانون الدولي لحقوق الإنسان من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، من ترجماتها:
النظرية العامة للتشغيل والفائدة والنقود.
لغة مقدسة وبشر عاديون.
وليد سليم: هو مترجم مصري، حاصل على ليسانس الآداب قسم التاريخ، له عدد من الأعمال المترجمة، منها:
مراسلات جورج أورويل.
وول ستريت: الإرهاب الحقيقي.
كيف صنع المسلمون أوروبا.