الإسلام والمستقبل
الإسلام والمستقبل
لو نظرنا إلى أسلمة العلوم التقنية، سنجد أن آثار حضارة الإنسان الغربي حضارة تنبثق من عقائده ونفسيته وتوجُّهاته وتاريخه، ومن ثَم فالمعرفة الغربية ليست موضوعية، مما يترتَّب عليه أن تكون العلوم التقنية ليست دراسات مجرَّدة، وبناء على ذلك فإن التقليد الأعمى لهذه العلوم لا بدَّ أن ينتهي بالأمة وعقائدها وفكرها وتصوُّراتها إلى حال من الخلط والتخبُّط يهدم كل طاقات النمو المستقل وكل قدرة على الأصالة والمبادرة، وهنا على العقل الإسلامي أن يقوم بالتمحيص والفحص والانتقاء لتبيين وجوه القصور والخلل وفساد التوجُّه والتطبيق في هذه الحضارة.
إن جوهر أعمال البناء المستقبلي يأتي في هذه المرحلة أولًا في الساحة الفكرية وفي الساحة التربوية، فمما سبق يتضح أن فكر الأمة وبناءها النفسي المختل بحاجة إلى إصلاح، هذا الإصلاح يكمن في العمل المستقبلي وإعداد الناشئة نفسيًّا وفكريًّا على أُسس سليمة، وذلك حتى تأتي الأجيال المستقبلية من أبناء الأمة على غير بناء الأجيال القائمة وما سبقها من أجيال التخلُّف والتدهور والضعف، مما يمكِّنها من أداء دورها الحضاري.
وهذه المهمة لا بدَّ أن تضطلع بها المؤسَّسات العلمية والتعليمية في البلاد الإسلامية مع المنزل والأسرة جنبًا إلى جنب، لذا لا يمكن لهذه المؤسسات أن تستمر في تقديم ترجمات حرفية للعلوم والمعارف والمناهج الغربية، وألا تعتمد على ثمرة فكر الآخرين وحصيلة فكرهم، بل يجب أن تبدأ إنشاء إسلامية المعرفة بالعمل على وضع المنهجية الإسلامية المطلوبة في مختلف مجالات العلم والمعرفة ووضع مقدِّماتها ومداخلها العامة والأساسية.
كذلك فإن مستقبل مسيرة الإنسانية مرهونٌ بنجاح الأمة الإسلامية في إصلاح مناهجها وتجلية رؤيتها وتقديم النموذج الإسلامي الحي، إذ لم يعد سرًّا على أحد إفلاس الحضارة المادية المعاصرة، وتدهور بناء مجتمعاتها، وانهيار بناء الأسرة فيها، وما يعانيه أبناؤها من مختلف ألوان القلق النفسي والإفلاس الروحي، فالإنسانية والشعوب في هذا العصر أشد ما تكون حاجةً إلى الإسلام، لأنه يحوي المفاهيم التي تجيب عن جوانب الضعف في كيانها والمتفاقمة على مدى المستقبل.
الفكرة من كتاب أزمة العقل المسلم
إن الأزمة التي تمر بها الأمة الإسلامية أزمة عميقة ومتشعِّبة، ولفهم هذه الأزمة كي يتم التعامل معها بشكل صحيح للقضاء عليها ينبغي معرفة أسبابها وبذل الجهد المطلوب للتخلُّص منها ثم تصحيح أوجه القصور والضعف وإعادة توجيه الأمة إلى المسار الصحيح الذي يضمن مستقبل الإنسانية كافة وليس الأمة الإسلامية فقط.
في هذا الكتاب يعرض الكاتب أزمة الأمة الإسلامية والعقل المسلم المعاصر، ويضعها موضع الفحص الدقيق المكثَّف ليبيِّن لنا جذور الأزمة ومسبِّباتها، ثم يقترح الحلول التي ينبغي أن تُتخذ للخروج من هذه الأزمة وتصحيح مسار الأمة والقضاء على الأمراض والشوائب التي حلَّت بها.
مؤلف كتاب أزمة العقل المسلم
عبد الحميد أبو سليمان: مؤسِّس المعهد العالمي للفكر الإسلامي والمدير العام الأسبق للمعهد العالمي للفكر الإسلامي، والرئيس المؤسس لمؤسسة تنمية الطفل، والمؤسس والرئيس الأسبق لجمعية علماء الاجتماعيات المسلمين بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا، ومؤسس ورئيس تحرير سابق للمجلة الأمريكية للعلوم الاجتماعية الإسلامية، وُلِد بمكة المكرمة عام 1936م، وحصل على بكالوريوس التجارة في قسم العلوم السياسية من كلية التجارة بجامعة القاهرة، ثم حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية من الكلية نفسها، وحصل على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة بنسلفانيا بفيلادلفيا في الولايات المتحدة.
له العديد من المؤلفات والكتب منها: نظرية الإسلام الاقتصادية: الفلسفة والوسائل المعاصرة، والسياسة البريطانية في عدن والمحميات ما بين عام 1799 وعام 1961م، والنظرية الإسلامية للعلاقات الدولية: اتجاهات جديدة للفكر والمنهجية الإسلامية، وبالاشتراك إسلامية المعرفة: الخطة والإنجازات، والعنف وإدارة الصراع السياسي في الفكر الإسلامي بين المبدأ والخيار: رؤية إسلامية، وقضية ضرب المرأة وسيلة لحل الخلافات الزوجية!