الإسلام والبعد الاجتماعي
الإسلام والبعد الاجتماعي
تناول الإسلام البُعد الاجتماعي في الحياة على أنه جزءٌ لا يتجزَّأ من صميم مهمة الدين، فتصوُّر الإسلام عن الحياة الدنيا أنها “خيِّرة” من حيث المبدأ وهي منَّة أنعم الله بها على الإنسان، متى أحسن التصرُّف والامتثال لمراد الله (عز وجل)، بل إن السبب الدقيق لتسمية الإنسان خليفةً هو أن يحقِّق إرادة الله على الأرض.
إن الإسلام يرى المأكل والمشرب والمأوى والحياة الزوجية وعلاقات الصداقة والعلوم والمخترعات حاجاتٍ فطريةً لكل البشر، وحقوقًا يجب ضمانها وضبطها، ومن ثم يكون النظام الاجتماعي الذي يضمن انتفاع الأمة بهذه الحقوق دون أن يجور عليها باغٍ هي الغاية العليا للتشريع الإسلامي في رأي الكاتب، وحتى الجوانب التعبُّدية الخاصة بالشعائر الإسلامية مثل الحج والزكاة والصيام والصلاة تكتسب بعدًا اجتماعيًّا لا تتم العبادة دونه، وأولوية النظام الاجتماعي مقدَّمة على كل ما هو شخصي، والإنسان الذي يقف عند حدود ما هو شخصي ولا يتجاوزه لما هو اجتماعي هو إنسان متنكِّب عن الصراط المستقيم الذي وضعه الدين.
تدعو العلمانية إلى عدم إدخال الدين الشأنَ العام بناءً على تجربة سيطرة الكنيسة في العصور الوسطى، إلا إنَّ هذا الفصل بين المجال العام والخاص غير ممكن في الإسلام نهائيًّا؛ فالإسلام يرى أخلاقية الفعل الديني قائمة على أداء الإنسان مهمَّته التي خُلِق من أجلها، ومن ثَمَّ يستحيل وجود الإسلام دون وجود الجنس البشري، ولا يمكن أن يحيا الجنس البشري في غير نظام اجتماعي يحقِّق العدالة بين أفراده ويساعد على تحقيق الغاية الكبرى من وجودهم.
النظام الاجتماعي في الإسلام قائم على مفهوم أوسع للمجتمع، وهو “الأمة” التي يشترك فيها كل الناس من لدن آدم إلى قيام الساعة، والأمة الإسلامية تتكوَّن إما من منتسبين إليها بالفعل أو منتسبين محتملين، ولا فرق بين أبناء الأمة من جهة الشكل أو اللون أو الجنس أو العرق والقبيلة، فالكل سواسية وعبيد للإله الواحد.
الفكرة من كتاب التوحيد مضامينه على الفكر والحياة
أتى الإسلام بشهادة أن لا إله إلا الله مركزيَّةً في آخر ديانة سماوية منزَّلة، لتشكِّل رؤية خاصة للكون وبوصلة للإنسان تعينه على المهمة التي عليه أن يقوم بها، ولتغيِّر حركة التاريخ نحو الوجهة الصحيحة الأخيرة التي يريدها الله (عز وجل).
يحلِّل الكاتب من ثلاث عشرة زاوية تفرُّدَ التوحيد الإسلامي وسمو المبادئ النابعة منه على جميع الرؤى والأفكار الكبرى الأخرى، كيف نستفيد من التوحيد لمعرفة دورنا التاريخي وإرساء المبادئ الأخلاقية وبناء الأسرة والمجتمع، والنظام الاقتصادي والفن والجمال؟
مؤلف كتاب التوحيد مضامينه على الفكر والحياة
إسماعيل راجي الفاروقي: باحث ومفكر فلسطيني متخصِّص في الأديان المقارنَة، ومن مؤسسي مشروع إسلامية المعرفة، انتُخِب كأول رئيس للمعهد العالمي للفكر الإسلامي، له عدة مؤلفات أشهرها “أسلمة المعرفة: المبادئ العامة وخطة العمل”، “أطلس الحضارة الإسلامية”.
معلومات عن المترجم:
الدكتور السيد عمر: أستاذ النظرية السياسية الإسلامية بجامعة حلوان ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة العلوم التطبيقية بالبحرين.