الإسلام وأرض الكنانة
الإسلام وأرض الكنانة
ظهر الإسلام في وسط صراع بين إمبراطوريتين مسيطرتين على شعوب الأرض، إمبراطورية الفرس المسيطرة على مشرق البلاد العربية عراقًا وخليجًا، وإمبراطورية الروم المسيطرة على الشام ومصر وشمالي أفريقيا، فأحدث الإسلام تحوُّلًا حضاريًّا غير مسبوق ليغيِّر وجه التاريخ لصالحه ويخضع الفرس والروم معًا لسطوته خلال فترة زمنية قصيرة، وبدأت بشائر النصر بولادة المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، فدُكَّت صروح أبرهة المزعومة بطير أبابيل وقطعت عليها طريقها قبل أن تبلغ غايتها، وبعد هلاك أبرهة انتفض اليمن فتحرَّر بقيادة سيف بن ذي يزن لتستقرَّ أمور التجارة للعرب وتتحالف حكومة مكة مع حكومة اليمن.
وبعد أن استقرَّت دولة الإسلام في المدينة بدأت توسِّع نفوذها مرسلة رُسُلها بدعوة السلام والاستسلام إلى كسرى فارس وقيصر الروم ونجاشي الحبشة ومقوقس مصر وإلى أمراء ورؤساء القبائل والدول من حولهم، ولنا هنا وقفة مع الرسول المرسَل إلى مصر حيث إنها كانت خاضعة لاستعمار الروم إلى أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أرسل إليهم رسولًا خاصًّا ولم يعدهم شأنًا روميًّا بيزنطيًّا، ولم يحدث ذلك مع مصر فقط، بل إنَّ الرسول (صلى الله عليه وسلم) اتخذ ذلك سياسة عامة فكانت رُسُلُه تحمل رسائله إلى ولاة وقادة الغساسنة والمناذرة ونحوهم على الرغم من سيطرة الروم والفرس عليهم.
وكما أحسن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى مقوقس مصر في رسالته ودعوته، فقد أحسن المقوقس استقبال رسوله وأرسل معه هدايا مصرية لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) تتمثَّل في ثياب مصرية وعسل وبغلة وحمار وجاريتين إحداهما مارية القبطية زوج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأم ولده إبراهيم، والأخرى أختها سيرين زوج شاعر الإسلام حسان بن ثابت (رضي الله عنه)، وفي الوصاية بمصر يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “إنكم ستفتحون مصر وهي أرض يُسمَّى فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمةً ورحمًا”.
الفكرة من كتاب عندما دخلت مصر في دين الله
“لقد دخل الجيش الإسلامي إلى مصر، فميَّز فيها بين الأمة المقهورة التي أمَّنها وحرَّرها وأحياها والتحم بها وبين الدولة القاهرة التي حاربها وطوى صفحة استعمارها لمصر وقهرها للمصريين”.
عن مصر منذ القدم واستقبالها للأديان والفتوحات الإسلامية من بعدها، ووقوعها محط أنظار المستعمرين قديمًا وحديثًا يأخذنا الكاتب في جولة تاريخية حول أرض الكنانة.
مؤلف كتاب عندما دخلت مصر في دين الله
محمد عمارة مصطفى عمارة: ولد في الثامن من ديسمبر عام 1931م، وتُوفِّيَ في الثامن والعشرين من فبراير عام 2020م، وهو مفكر إسلامي مصري، ومؤلف ومحقِّق وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وعضو هيئة كبار علماء الأزهر، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، ورئيس تحرير مجلة الأزهر حتى عام 2015.
ترك ميراثًا كبيرًا من الكتب يزيد على 140 كتابًا، منها تحقيق الأعمال الكاملة لعدد من أبرز الكتَّاب مثل الطهطاوي ومحمد عبده والأفغاني، كما ألَّف عن أعلام التجديد الإسلامي وعن التيارات الفكرية الإسلامية قديمًا وحديثًا، ومن أبرز مؤلفاته: “الحملة الفرنسية في الميزان”، و”معالم المنهج الإسلامي”، و”الإسلام والمستقبل”، و”القدس بين اليهودية والإسلام”، و”مقومات الأمن الاجتماعي في الإسلام”.