الإساءات واضطرابات العلاقات
الإساءات واضطرابات العلاقات
يبدأ الفتى التعرف على المرأة أو على صورته في عين المرأة من خلال أول امرأة عرفها وهي الأم، فإما أن تنبِت فيه الأمان والأمل والثقة، أو تحرق ما بداخله، وتزرع فيه الغضب والاستياء والرغبة في الانتقام، وتعرف الفتاة الذكورية أو الرجولية أو صورتها في عين الرجل، وما يمكن أن يمنحه لها الرجل من خلال علاقتها مع الرجل الأول في حياتها وهو الأب، فإما أن يحافظ على سلامها الداخلي واتزانها ويخبرها بكونها جميلة مطلقًا وفريدة، أو يدمِّر ثقتها بنفسها ويسرق روحها، وتبقى متعطِّشة دائمًا للحب والحنان، ويصاحبها الشعور بعدم الكفاية، وكراهية الأنوثة، وبغض الذات، ومن ثم فمن الطبيعي أن يستمد المرء تصوُّراته عن الحب والزواج والعلاقات وما فيها من خلال العلاقة بين الرجل الأول والمرأة الأولى في حياته، بل ويستمد الطفل في الأساس صورته الأولى عن نفسه من خلال عيون والديه قبل التعرف على صورته في المرآة، فيستطيعان بكلمات عابثة ومواقف عابرة تشكيل سيناريو الطفل المستقبلي، فكم من إنسان ترك الطريق الصحيح والأكثر ملاءمة له فقط لأن والديه قد أشارا له عليه يومًا ما، تمردًا ومخالفة لهم، فأصبح لا يستطيع التفرقة بين النصح والتوجيه، والخير والشر، فخالف الجميع من أجل المخالفة فقط، ففقد ذاته.
ويتعرَّض الطفل لكثير من الصدمات مع الأهل؛ كجرح الأب أو الأم الغائبة، أو جرح الأب أو الأم المؤذية، أو جرح مزدوج من الطرفين، وكل شكل من هذه الصدمات له تأثير مختلف تمامًا عن الآخر، فمثلًا الشاب المجروح من الأم ربما يتحول إلى “دنجوان” متعدد العلاقات، فلا تُشبعه علاقة، ويركز دائمًا على صورته لدى الأنثى، والشاب صاحب الجرح بسبب غياب الأب يخاف الرفض، ويكوِّن صداقات مع الذكور ويشغله تطويرها بصورة أكبر، والمرأة المجروحة بسبب غياب الأم؛ تكون صديقة جيدة للشباب، جريئة، ربما تكره الأنوثة، وتكره أن تبدو ضعيفة، والمرأة صاحبة جرح الإساءة من الأب تبدو أحيانًا كتومة، وتبحث دائمًا عن علاقة مثالية على الرغم من كونها حذرة في التعاملات الذكورية.
الفكرة من كتاب أبي الذي أكره.. تأمُّلات حول التعافي من إساءات الأبوين وصدمات النشأة
الآباء الجيدون يرتكبون أشياء سيئة، والأمهات الجيدات بما يكفي يرتكبن الأخطاء، لكن يتحدث الكاتب هنا عن العائلات التي ترجح فيها كفة الإيذاء عن العناية، والخطأ عن الصواب، فيبدأ كلامه بذكر أنواع الإساءة التي قد يتعرض لها الناس خلال رحلة حياتهم من خلال والديهم، وينهي كلامه بعرض خطوة التعافي من تلك الإساءات، والبحث عن الشفاء.
مؤلف كتاب أبي الذي أكره.. تأمُّلات حول التعافي من إساءات الأبوين وصدمات النشأة
الدكتور عماد رشاد عثمان: طبيب بشري من الإسكندرية، كاتب وباحث ملتحق بدرجة ماجستير أمراض المخ والأعصاب، والطب النفسي بكلية الطب جامعة الإسكندرية، له العديد من المؤلفات، ومنها:
رواية “اقتحام”.
أحببت وغْدًا.