الإرهاب بين النزوعية والموقفية
الإرهاب بين النزوعية والموقفية
اعتمد موضوع الإرهاب في الماضي على ما أسماه جون هورجان “الشخصية الإرهابية”، إذ كان كل شذوذ نفسي يُعزى إلى الشخصية الإرهابية، لكن بعد النتائج التي توصلت إليها تجربة ستانلي مليجرام أصبح يُنظر إلى الإرهاب على أنه نتيجة للظروف البيئية المحيطة بالفرد، وليس لشذوذ في شخصية الإرهابي، وبذلك صار فهم الإرهاب يعتمد على الموقفية بنسبة 100% بعد أن كان نزوعيًّا خالصًا، وبناءً على ذلك يرى كثير من المنظرين أن الشخصية الإرهابية ليست ذات طابع واحد، كما أن المتطرفين في الغالب أسوياء نفسيًّا بشكل عام، ومن ثم فإن ظاهرة الإرهاب لا يمكن ردها إلى النزوعية أو الموقفية بشكل كامل، وأن تفسير الإرهاب بشكل صحيح يعتمد على الدمج بين النزوعية والموقفية، حتى صار التعبير الشائع أن الإرهابي في نظرك قد يكون المدافع عن وطنه أو المقاوم للمحتل في نظر شخص آخر.
علاوة على ذلك، فالمستهدف من الإرهاب هو الجمهور المشاهد للضحية، وليس الضحية ذاتها، وبناءً على ذلك فإن ضحايا الإرهاب أهداف عارضة في سبيل خدمة قضاياهم، ولتفسير ظاهرة الإرهاب في ضوء نقاط الضعف التي تكتنف النزوعية، والمشكلات التي تواجه الموقفية، طور “جون هورجان” نموذجًا نظريًّا لتفسير ظاهرة الإرهاب أطلق عليه اسم “نموذج العملية”، إذ يرى أن تحول الإنسان العادي إلى إرهابي راجعٌ إلى عملية متدرجة تتخذ شكل سلسلة من الخطوات الصغيرة، إضافة إلى مجموعة من العوامل الحاسمة، مثل المكافأة التي يحصل عليها الفرد جراء انضمامه إلى الجماعة الإرهابية، وعلى الرغم من صعوبة تحديد السبب الكامن وراء انضمام الأفراد إلى الجماعات الإرهابية، فإن هورجان يرجعها إلى اعتقادات الفرد، وتنشئته الاجتماعية، وخبراته الحياتية، وعدم رضاه عن الحياة، ووجود أبدال أفضل من وجهة نظره.
الفكرة من كتاب علم النفس السياسي.. أوضاع، وأفراد، وحالات
يجيب المؤلف خلال صفحات الكتاب عن سؤال: لماذا يفعل الناس ما يفعلونه في سلوكهم العام؟ لينتهي إلى أن هناك نمطين أساسيين من المقاربات لفهم السلوك السياسي الإنساني، هما: المقاربة النزوعية التي ترى أن شخصية الفرد واعتقاداته وقيمه لها بالغ الأثر في انتمائه الحزبي وخصائصه الشخصية وقراراته، وحتى سلوكه الانتخابي، والمقاربة الموقفية التي ترى أن البيئة والموقف المحيط بالفرد أكثر أهمية من اعتقاداته وخصائصه الشخصية، وأنها هي التي تشكل سلوكه العام، وفي الأخير يستعرض بعض الظواهر التي خضعت للملاحظة العلمية، مثل الإرهاب وسلوك الناخب كتطبيقات لفهم النزوعية والموقفية.
مؤلف كتاب علم النفس السياسي.. أوضاع، وأفراد، وحالات
ديفيد باتريك هوتون: كاتب وأكاديمي بريطاني الجنسية، يعمل حاليًّا أستاذًا في جامعة وسط فلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد عمل في السابق في عدد من الجامعات البريطانية والأمريكية، وهو من المهتمين بمجالات علم النفس السياسي، وصنع القرار في السياسة الدولية، والسياسة الخارجية الأمريكية والعلاقات الإيرانية الأمريكية. من مؤلفاته:
Losing an Empire, Finding a Role: British Foreign Policy Since 1945
A Citizen’s Guide to American Foreign Policy: Tragic Choices and the Limits of Rationality
U.S. Foreign Policy and the Iran Hostage Crisis
معلومات عن المترجمة:
ياسمين حداد: مترجمة أردنية الجنسية، حصلت على درجة الدكتوراه في علم النفس الاجتماعي من جامعة روتشستر في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد عملت في السابق أستاذة ورئيسة لقسم علم النفس بالجامعة الأردنية، وتعمل حاليًّا في جامعة الإمارات العربية المتحدة.