الإدمان.. ما هو؟ وما أسبابه؟

الإدمان.. ما هو؟ وما أسبابه؟
هل الإدمان سوء استخدام لمادة معينة أم تعلق بشيء ما؟ يبدو أن كلا الجملتين تعبران عن الإدمان، أليس كذلك؟ ولأن تعريفات الإدمان متعددة، ولأنها تتشابك مع كثير من المصطلحات الأخرى كسوء الاستخدام والاعتياد والاعتمادية، وضعت الجمعية الدولية والجمعية الأمريكية لطب الإدمان إطارًا محددًا للإدمان، وهو يشمل نقاطًا عدة، أولًا: استخدام إحدى المواد المغيرة للحالة المزاجية، ثانيًا: الانشغال الزائد باستخدام هذه المواد وكيفية الحصول عليها أو حتى محاولات الإقلاع عنها، أما النقطة الثالثة فهي فقدان التحكم في استخدام هذه المواد، ويظهر ذلك بوضوح في زيادة الجرعات وكثرة الانتكاس.

ويُضاف إلى هذه النقاط الثلاث الأساسية إنكارُ المشكلات الناتجة عن الإدمان، وحدوث تغيرات في الدوائر العصبية المسؤولة عن اللذة والاستمتاع بالمخ.
وبالإضافة إلى وضع إطار عام لتعريف الإدمان، توجد معايير وضعتها منظمة الصحة العالمية والجمعية الأمريكية للطب النفسي، يُشخَّص الإدمان في حالة وجود أي ثلاثة منها، وتبدأ هذه المعايير بالتحمل، وهو اعتياد الشخص تأثير المواد المغيرة للمزاج، ومن ثم يحتاج إلى زيادة الجرعات باستمرار لكي يحصل على المفعول نفسه، ثم التخلي عن الاهتمامات الاجتماعية والوظيفية والأنشطة الترفيهية، بالإضافة إلى وجود رغبة مستمرة قهرية في التعاطي والاستمرار في التعاطي رغم المشكلات الصحية والنفسية والعواقب المؤذية، وأخيرًا ظهور أعراض انسحاب بمجرد التوقف عن التعاطي.
أما مسببات الإدمان فيمكننا رؤيتها على مستويات عدة، أولها: مستوى كيمياء المخ والأعصاب، إذ تحتوي أدمغتنا على مركز يسمى “مركز اللذة أو المكافأة | Brain Reward Centre”، ومفتاح هذا المركز ناقلٌ عصبي يسمى الدوبامين، وبإفراز الدوبامين يُفتح مركز اللذة فيشعر الإنسان بالسعادة والرضا، ومع زيادة الدوبامين تزداد اللذة. لكن ما علاقة ذلك بالإدمان؟ لقد وُجد أن كل المواد الكيميائية التي يدمنها الأشخاص تؤثر في مراكز اللذة وتزيد من إفراز الدوبامين، ومن ثم يشعر الواحد منهم بالرضا والسعادة، وهذا هو السبب الأساسي للاستمرار في دائرة الإدمان.
أما المستوى الثاني من مسببات الإدمان فهو مستوى الجينات والوراثة، وأوضحت نتائج بعض الدراسات أن نسبة تعاطي الأبناء للكحول تزداد أربعة أمثالها إذا كان أحد الوالدين مدمنًا للكحول. والمستوى الثالث يتعلق بوجود مشكلات نفسية قد تدفع الشخص إلى الإدمان أو اضطرابات في الشخصية تجعله أكثر عرضة للإدمان، كالشخصية الحدية والشخصية المضادة للمجتمع، وكذلك فإن سمة حب المغامرة والفضول من أكثر الصفات التي قد تودي بصاحبها إلى الإدمان. أما المستوى الرابع والأخير فيتضمن تأثير المجتمع المحيط من العائلة والأصدقاء والثقافة المجتمعية.
الفكرة من كتاب المخدرات والإدمانات الأخرى.. ما هي؟ وما أسباب تعاطيها؟ وما مضاعفاتها؟
المخدِّرات! هذه الكلمة المخيفة التي لا ننطقها في سلام أبدًا، إنها ليست مجرد حروف يرتص بعضها بجوار بعض لتكوّن كلمة، وإنما هي سلاسل وأغلال وسعير تجتمع لتصبح سجنًا أشبه بالجحيم، لنترك مخاوفنا وتخيلاتنا ونذهب إلى العلم ونسأله.. لماذا لا ننطق الكلمة في سلام؟ وماذا تكون المخدِّرات وغيرها من الإدمانات؟ أهي فقط مواد كيميائية أم تمتد إلى أكثر من ذلك؟ ولماذا يلجأ إليها البعض ويلقي بنفسه في التهلكة؟ وما الذي يلقاه المدمن في نهاية إدمانه؟ دعونا نرَ هل الحقائق العلمية مخيفة كما في خيالنا أم سنعرف أشياء مغايرة!
مؤلف كتاب المخدرات والإدمانات الأخرى.. ما هي؟ وما أسباب تعاطيها؟ وما مضاعفاتها؟
د. إيهاب الخراط: استشاري الطب النفسي، تخرج في كلية الطب بجامعة القاهرة عام 1982، وحصل على درجة الدكتوراة من جامعة «كنت» بإنجلترا، وهو مؤسس مؤسسة الحرية لعلاج الإدمان وإعادة التأهيل ومديرها، وتضم المؤسسة 38 مركزًا علاجيًّا وتأهيليًّا، بالإضافة إلى كونه الرئيس السابق للتجمع العالمي للتعامل مع التعاطي والإدمان الذي يضم أعضاءً من 75 دولة.
من أعماله:
التعافي من الإدمان.. أساسيات المشورة وإعادة التأهيل.