الإجهاض وانخفاض معدل الجريمة!
الإجهاض وانخفاض معدل الجريمة!
كانت معدلات الجريمة بالولايات المتحدة في فترة الستينيات من القرن الماضي في ازدياد مستمر كسهْم منطلق إلى أعلى، وخلال فترة التسعينيات أصبح معدل الجريمة مرتفعًا للغاية، وقد توقع الخبراء -ومن ضمنهم خبراء الاقتصاد- أن معدلات الجريمة ستتضاعف بشكل مرعب، مما قد ينذر بدخول البلاد في فوضى، حيث أصبح القتل العمد والسرقة وتجارة المخدرات أشياء عادية.
لكن العكس هو الذي حدث، حيث انخفضت معدلات الجريمة في جميع أنواع الجرائم من قتل وسرقة وغيرهما كل سنة عن السنة التي تليها، ومع بداية القرن الحادي والعشرين قد وصلت الجريمة في الولايات المتحدة إلى أقل مستوياتها، فذهب خبراء الاقتصاد إلى أن هذا الانخفاض في معدل الجريمة راجع إلى انتعاش الاقتصاد الأمريكي وازدهاره خلال التسعينيات، إلى جانب قوانين ضبط ومراقبة السلاح، واستخدام الشرطة أساليب وإستراتيجيات جديدة.
لكن في الحقيقة فإن انتعاش الاقتصاد وضبط ومراقبة السلاح وإستراتيجيات الشرطة الجديدة، هي عوامل جانبية، وأن السبب الحقيقي وراء انخفاض معدل الجريمة في التسعينيات راجع إلى حكم المحكمة العليا في أمريكا عام 1973م الذي سمح بجعل “الإجهاض” عملًا قانونيًّا بعد أن كان مُجرَّمًا، فبسبب العلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج بين المراهقات كان يولد الكثير من الأطفال الذين يصبحون مشردين في الشوارع، فيتحولون إلى مجرمين بعد ذلك، والذي حدث بعد جعل “الإجهاض” قانونيًّا أن عدد المجرمين المحتملين قد تم تقليصه وتحجيمه، لأن هؤلاء الأطفال لم يولدوا ومن ثم لم يدخلوا إلى عالم الجريمة، بالضبط مثل فراشة ترفرف بجناحيها في أفريقيا فتسبِّب إعصارًا في قارة أخرى، وهذا لا يعني الموافقة على الإجهاض، فالجريمة يمكن علاجها عن طريق توفير بيئة ومستقبل أفضل لهؤلاء الأطفال، وحمايتهم من التشرد.
الفكرة من كتاب الاقتصاد العجيب
إن العالم الحديث رغم ما يكتنفه من غموض وتعقيد، فإنه يمكن فهمه إذا ما سأل الواحد منَّا الأسئلة الصحيحة حتى لو كانت بسيطة، ونظر إلى المعطيات التي بين يديه بطريقة سليمة، ومن ثم سيكون من السهل حينئذٍ أن نفسر الأحجيات والألغاز حتى لو كانت تبدو في الظاهر صعبة أو مستحيلة، والهدف من ذلك هو النظر والبحث في الأحداث والمواقف وفحصها بطرائق من النادر فحصها من خلالها، والبحث في الجانب الخفي من الأشياء التي لا تظهر على السطح للعيان، حيث قد تكشف أن صدور أحد القوانين هو سبب انخفاض الجرائم في بلد ما، وليس الازدهار الاقتصادي أو فاعلية الشرطة، بل قد تستطيع أن تستنبط نسبة الأخلاق الفطرية من مجرد بيع عددٍ من أرغفة الخبز!
مؤلف كتاب الاقتصاد العجيب
ستيفن د. ليفيت: كاتب وعالم اقتصاد، يدرس علم الاقتصاد في جامعة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية، حاصل على ميدالية “جون بيتس كلارك” التي تعطى لأفضل رجل اقتصاد أمريكي كل عامين لا يتجاوز الـ40 من عمره.
ستيفن ج. دوبنر : كاتب صحفي يكتب مقالات في مجلة نيويورك تايمز ونيويوركر، من أشهر مؤلفاته التي حققت أعلى المبيعات كتاب “نفوس مضطربة واعترافات بطل متعبد”.
معلومات عن المترجم
محمد شريف الطرح: مترجم، وله عدة كتب مترجمة، منها: “العمادة الأكاديمية: مهن فردية وأدوار مؤسساتية”، و”القطاع الشعبي في مدن البلدان النامية: التشغيل والفقر والبيئة”، و”الحكم في عالم يتجه نحو العولمة “، و”الاقتصاد العجيب: اقتصادي مارق يبحث في الجانب الخفي من كل شيء”.