الإتجار في الأعضاء البشرية
الإتجار في الأعضاء البشرية
تعد قضية الإتجار في البشر عالمية الانتشار، ولها صور عديدة مثل العمل القسري والمتاجرة بالجنس والإتجار بالأعضاء البشرية وغيرها، ولها ثلاثة أجزاء رئيسة تمثل مراحلها، وهي المريض والوسيط والمتبرع أو المسروق، كل فرد خلفه أسباب ودوافع مختلفة للمشاركة بهذه العملية.
بالنسبة للحلقة الأولى وهو المريض ذو العضو التالف، فإنه يكون على مستوى عالٍ من التعليم والرفاهية المادية التي تمكِّنه من التكفل بمصاريف العملية كاملة والدفع لباقي الحلقات، ولكنه يحتاج أولًا إلى البحث عن فرد يقبل التبرُّع بعضوه السليم وتنطبق عليه نتائج وشروط الفحوصات الطبية، هنا يأتي دور الحلقة الثانية وهي الوسطاء، فعبر شبكة علاقاتهم الاجتماعية يبحثون عن المتبرع المناسب، يمكن للوسيط أن يكون طبيبًا أو معملًا طبيًّا، أو حتى مستشفًى كبيرًا، وإما أن يقع في بيئة البائع نفسها.
أما الحلقة الأخيرة فالبائع أو المسروق، يعاني من تدنٍّ شديد في مستوى الدخل، ويقع في فئة الشباب، وتنقطع الصلات بين الحلقات الثلاث بعد إتمام العملية، ويتم وصم البائع اجتماعيًّا، وغالبًا ما يندم ويقضي بقية حياته يعاني من مشاكل صحية عديدة، أما المسروق فيقضيها بشعور المخدوع والمقهور العاجز عن أخذ حقه، بينما المتبرع الحقيقي يشعر بالفخر لمساعدته صديقه أو قريبه.
وقد تعاملت وسائل الإعلام مع القضية بإزاحتها من بؤرة الاهتمام وتهميشها لكي ترضي أطرافًا بارزة في الحكومة، بسبب تورُّط رجال أعمال ومسؤولين ومستشفيات كبرى في عملية الإتجار، وتركيزهم عند تناولها على المتبرِّع فقط دونًا عن المسروق والبائع، وتجاهل دور سياسات الحكومة ومسؤوليتها عن الحالة الاجتماعية للفقراء الذين يلجؤون إلى بيع أعضائهم.
بلا شك من الصعب ضبط تلك الممارسات لسيولتها، لذا يجب تجفيف منابع البداية، وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني، إضافةً إلى تحسين الظروف المعيشية، وتغليظ القوانين والتشريعات المجرمة لتلك العمليات.
الفكرة من كتاب الإعلام وتجريف العقل الجمعي: في مرحلة التحول الديمقراطي
تلعب وسائل الإعلام دورًا مهمًّا جدًّا في تشكيل الوعي، إن لم يكن دورها هو الأكبر، وبطبيعة الحال فإن تلك الوسائل هي كيانات لها مصالحها وأهدافها وقوى اقتصادية وسياسية محركة لها، ولذلك فإن الدور الذي تلعبه مشروط بمصالح تلك القوى، فهل يشكِّل الإعلام وعيًا حقيقيًّا بالمشكلات الاجتماعية أم يزيِّفها؟
هذا هو السؤال المحوري الذي لا نستطيع الإجابة عنه حتى نقارن بين الصور التي تنقلها وسائل الإعلام والواقع، هل تضخِّم المشكلة أم تضعها في حجمها الصحيح؟ هل تتناولها من الأساس أم تهمِّشها وتتجاهلها؟ تشير بأصابع الاتهام حول الأسباب الحقيقية أم تدير وجهها إلى ناحية أخرى؟ تطرح حلولًا واقعية ممكنة التنفيذ أم مجرد ديباجات؟ في كتابنا سنتناول أربع قضايا هي: الهجرة غير الشرعية، وتجارة الأعضاء البشرية، والعدالة الاجتماعية، وثورتا مصر، ونرى كيف تعاملت وسائل الإعلام معهم.
مؤلف كتاب الإعلام وتجريف العقل الجمعي: في مرحلة التحول الديمقراطي
محمد سيد أحمد: مصري الجنسية حاصل على دكتوراه في علم الاجتماع السياسي، له العديد من المؤلفات في علم الاجتماع، أشهرها:
الخطاب السياسي للطبقة الوسطى المصرية.
مجتمعات آيلة للسقوط.