الأنماط الصوتية
الأنماط الصوتية
يستطيع الطفل في السنة الأولى من عُمره نطق أصوات متعدِّدة وبعض الكلمات، حيثُ أشار الكاتب عدة مرات إلى أن الأصوات “هي المادة الخام الأولية وتُعَد عناصر ضرورية للغة، وثمة مظاهر محدَّدة لها، كالصراخ، والمناغاة”، والمناغاة عند الطفل تمتد من الشهر الثالث إلى الشهر الثامن، وتجب مراعاة هذه الفترة عند الطفل بضرورة تحدُّث الأم إليه ومناغاته، وتركه يلعب بأصوات عالية لأنها مرحلة تدريب لأجهزته الصوتية، وعدم استعجاله في نطق الكلمات أو الحروف، لأن الأنماط الصوتية تتوقَّف على مقدار النضج عند الطفل، أي حتى تنمو الأجهزة الصوتية والعصبية عنده، والمثال الشائع على ذلك هو أصوات اللين الطويلة، مثل: الألف والواو والياء، ويسهُل على الطفل نطقها، ويتأخر في نطق الباء والميم واللام حتى نهاية السنة الأولى
والطفل يصدر أصواتًا في شهوره الأولى، وتنقسم إلى مستويين: الأول هو مستوى يقوم فيه الطفل بأصوات عشوائية في شهوره الأولى تصدر بشكل ضوضائي لأجل الجوع أو الألم أو الإخراج، وقد يبتسم ابتسامة معينة تعبيرًا عن رضاه، وهي تُعدُّ مرحلة المناغاة أو الثفثفة حيث يقوم بأصوات لها إيقاع مثل: دادا غاغا، وجميعها قد تكون خارج لغته الأصلية، لكن فيها تدريب له على مهارات النطق وإخراج الأصوات، ويجب على الوالدين هنا تكرار هذه الأصوات له والتبسُّم في وجهه، حتى يحصل على التعزيز والاهتمام ممن حوله.
أما الثاني فهو عبارة عن أصوات بيئة الطفل، حيث يستمع إليها من خلال الأذن كي يُميز بين الأصوات البشرية وغيرها، حتى يصل ويستطيع التمييز بين الأصوات البشرية نفسها، واكتشاف الأصوات المؤثرة من حوله، ويستطيع الربط بين الصوت والصورة، لذا فهو يعلم صوت أمه وأبيه وأصوات إخوته، بل قد يصل به الأمر إلى تقليدهم، أما مرحلة النطق فقد تعسَّر على علماء النفس تحديد وقتها بشكل محدد، لكن في الغالب تبدأ في الشهرين الأخيرين من السنة الأولى، وقد تمتد إلى 15 شهرًا، وعند ضعاف العقول إلى 38 شهرًا، فالمحصول اللفظي يبدأ بطيئًا ثم يزداد بسرعة، لكن دون تعجُّل الوالدين وإثقال طفلهما.
الفكرة من كتاب لُغَةُ الطفلِ
يُحفَظ كيان وشخصية الأمة بين الأمم إذا حُفِظت هويتها، والهوية تتمثَّل في شيء أساسي هو اللغة، والعربي المسلم له هوية وعقيدة في لغته العربية لأنها اللغة التي أُنزل بها القرآن الكريم كمعجزة بين العرب على النبي (صلى الله عليه وسلم)، ما زاده اعتزازًا بها وزاد اللغة العربية شرفًا، وأعلاها الله (عز وجل) بين الأمم حين مدحها في كتابه الشريف (عز وجل) وقال: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾.
فالمجتمع العربي المسلم يحمل هَمًّا ومسؤولية تجاه لغته، لكنه أهمل هذه المسؤولية حين ابتدع الناس لهجات عامية خاطئة فتأثرت اللغة العربية، حتى إنهم يُدرِّسُون بالعامية في المدارس ويتحدثون بها في الندوات والمحاضرات وعلى شاشة التلفاز، بل هناك دول طَمستْ لغتها تمامًا واستبدلتها بلغة مشوهة تحمل من اللغة العامية واللغات الأجنبية، ما جعل صغارهم لا يتعرفون على لغتهم الأصلية، فالطفل يولد على فطرته يرى ما يفعله مجتمعه وأهله ويقلِّدهم، وهذا يضع على كاهل الأسرة مسؤولية تعليمه لغته الأم، حتى لا تتشوَّه لغته.
في كتابنا هذا يعرض الكاتب مراحل تعليم الطفل اللغة وتأثيرها فيه، وتأثير البيئة فيه، وكيف ينمو لغويًّا.
مؤلف كتاب لُغَةُ الطفلِ
شاكر عبد العظيم: أستاذ المناهج وطُرق التدريس بجامعة حلوان.