الأندلس.. وعيونٌ تتجه إلى فرنسا
الأندلس.. وعيونٌ تتجه إلى فرنسا
فتح المسلمون الأندلُس، وسرعان ما تحولَّت معُظمها إلى الدِّين الإسلامي واللُّغة العربية في وقت قياسي، وإن كان للحضارة العربية نصفان فإن الأندلُس وحدها لها نصيب النصف بجدارة فيما وصلت إليه من ازدهارٍ وقوة، ولما فتحها طارق بن زياد وقائده موسى بن نصير، فكَّر موسى أن يمضي بفتوحاته ويتغلغل في أوروبا كما كان يحلم بفتح أوروبا والوصول من الأندلس إلى شرقها حيث القُسطنطينية، لكن الخليفة الأُموي قد خشي عواقب الخوض والتغلغل، وأمره بالتوقُّف وطلب استدعاءه هو وطارق بن زياد.
بعد نحو خمس سنوات، عيَّن الخليفة عمر بن عبد العزيز السَّمح بن مالك الخوْلاني لولاية الأندلس سنة مائة للهجرة، ولقد عُرِف عن السَّمح حسن إسلامه وأخلاقه، إذ قرَّر أن يعيد الأمجاد لجيش المسلمين لمعاودة الفتوحات ودخول بلاد الغال “فرنسا”، وتطبيقًا لذلك نقل العاصمة إلى قرطبة وبدأ بتقوية جيشه استعدادًا للفتح خلف جبال البرانس التي انتهى عندها موسى بن نُصير، وإذا به يتقدَّم بجيشه فيفتح إقليم سبتمانيا -تُسمى اليوم الريفييرا- ثم اتجه غربًا نحو طولوشة، لكن أتاه قدر الله وأُصيب على أسوار طولوشة واستُشهد عام 102هـ ليرتد المسلمون جنوبًا وتتوقَّف حملة الفتوحات في فرنسا.
بعد استشهاد السمح، ظهر قائدٌ فذٌّ يُدعى عبد الرحمن الغافقي الذي كان أحد جنوده، وقد تم اختياره لقيادة جيش المسلمين فأعطى أوامره لجيشه بالارتداد إلى الجنوب كي يستجمع قواه مرة أخرى، ولكن لم تستمر قيادة الغافقي إلا بضعة أشهر بسبب بعض الخلافات، وعُيِّن بعده يزيد بن أبي مسلم عنبسة الكلبي عام 103هـ أميرًا على الأندلس، ولم يرد عنبسة أن يكمل الفتوحات إلا بعد تنظيم أمور الأندلس داخليًّا، وبالفعل قضى نحو أربع سنوات أنهى فيها الخلافات وأرسى الاستقرار.
الفكرة من كتاب بلاط الشُّهداء
“لو انتصر العرب في تور-بواتييه لتُلِيَ القرآن وفُسِّر في أكسفورد وكامبردج!” هكذا قال المؤرخ الأوروبي “جيبون” عن المعركة التي أجمع المؤرخون أنها من أكبر المعارك الفاصلة في تاريخ البشرية جمعاء، كيف لا ولو كان مُقدرًا للمسلمين النصر فيها لكانت فرنسا مُسلمةً ولما سقطت الأندلُس، ولضمَّت الحضارة الإسلامية أوروبا من غربها إلى شرقها، لكنها إرادة المولى (عز وجل)؛ إرادته أن يُستشهد بطلنا المُسلم عبد الرحمن الغافقي وينسحب الجيش الإسلامي من معركة بلاط الشهداء.
مؤلف كتاب بلاط الشُّهداء
شوقي أبو خليل (1941-2010م)، هو كاتب وباحث فلسطيني درس بكلية الآداب قسم التاريخ بجامعة دمشق، ثم حصل على دكتوراه في التاريخ من أكاديمية العلوم بأذربيجان، ثم عمل في عدة مناصب أهمها عمله أستاذًا جامعيًّا لمادة الحضارة الإسلامية في كلية الدعوة الإسلامية، ومدير تحرير في دار الفكر بدمشق، وقد ألَّف ما يزيد على سبعين كتابًا عن التاريخ والحضارة الإسلامية، ومن أهم مؤلفاته:
فتح الأندلس
عوامل النصر والهزيمة.
آراء يهدمها الإسلام.