الأمراض من صُنع الإنسان
الأمراض من صُنع الإنسان
على مر الزمان كانت أكبر المشاكل الصحية هي مشاكل ناتجة عن أمراض صنعها الإنسان نتيجة سلوكيات خاطئة، مثل التدخين وتناول الكحوليات والمخدرات والحروب والحوادث والانتحار والقتل، وكل هذه من صنع الإنسان، وهناك أمراض صنعها الإنسان بطريقة غير مباشرة، أي إنه يكون عالمًا بالمرض والوقاية منه وعلاجه لكنه يتصرَّف بشكل من الإهمال، ما يُسبِّب لنفسه تدهورًا في حالته الصحية والإصابة بأمراض عديدة منها أمراض القلب والشلل والسرطان والحصبة، وهناك حالات تُصاب بالوفاة فيكون هو السبب غير المباشر، فقد أصبحت هناك قدرات علمية وتكنولوجية مذهلة تجعل عوامل الوقاية والعلاج في ازدهار وازدياد، كما أن الإنسان هو المتهم الأول في صناعة مرض مثل الإيدز، ونتيجة لتطورات الحياة من حوله نشأ عنه ما يُسمَّى بالأوبئة الحديثة ومنها أمراض مُعدية وتتطوَّر وتُسبِّب الوفاة لجماعات كبيرة من البشر، وهذا كان في القرن التاسع عشر حتى أوائل القرن العشرين، مثل الأنفلونزا والسُّل والكوليرا وشلل الأطفال والطاعون والجُدري وغيرها، وأمراض غير مُعدية تُسبب الوفاة مثل أمراض القلب والسرطان والحوادث والجرائم والانتحار وتحدث بشكل خاص في الدول المتقدمة، وجميع هذه الأمراض تُسبب الوفاة بنسبة 80% من وفيات دول العالم.
ويرجع ذلك إلى عدة عوامل وأسباب منها: التدخين والكحوليات وسوء التغذية والحوادث والمخدرات وسوء استعمال الأدوية وعدم ممارسة الرياضة؛ وهذه عوامل سلوكية، وهناك عوامل بيئية مثل البيئة المادية منها: الماء والهواء والضوضاء والغذاء والطرق السيئة، والبيئة الاقتصادية منها: الغلاء ورداءة الغذاء والسكن والبطالة، والبيئة الاجتماعية منها: العزلة والتعليم والعلاقات الاجتماعية، وهناك عوامل وراثية مثل: الاضطرابات النفسية والإعاقات والسكري، وقد بيَّنت الدراسات أن أسباب الوفيات تعود بنسبة 50% إلى عوامل سلوكية وأنماط حياة غير صحية، و20% عوامل بيئية، و20% بيولوجية، و10% عدم توافر خدمات صحية مُجدية، لكن يظل الإنسان هو المُسيطر على وضع حالته الصحية وتجنُّب المخاطر إذا تجنَّب السلوكيات الخاطئة المُسبِّبة للأمراض المؤدية إلى الوفاة.
الفكرة من كتاب الثقافة الصحية
أصبحت حياة الإنسان في تطور متزايد ومستمر، لا يكاد يلاحقها من فرط سرعتها، لكن لكلٍّ ميزة في هذا التطور تُزين حياة الإنسان، إلا أن جانبها المميز هذا يُظهر لنا جانبًا سيئًا آخر في خلال رحلة الكشف عنه، وجانب الصحة في حياة الإنسان تتوقَّف عليه حياة الإنسان واستمراره، فالصحة هي الطاقة المختزنة داخل الإنسان التي مكنته من إقامة الحضارات وصُنع التقدم الهائل التكنولوجي الحديث، لكن هذه الطاقة قد تتبدَّد، ولذا وجب رعايتها والحفاظ عليها، وهناك أمراض حديثة اكتُشِفَت، وقديمة اكتُشِف علاج لها أو تطوَّرت أعراضها، ولكي يقوم الفرد المجتمعي بالكشف أصلًا عن وجود مرض عنده فيجب عليه أن يكون لديه القليل من الثقافة حول الصحة، وأعراض تلك الأمراض، وذلك يرجع إلى أن الأمراض أصبحت أكثر تعقيدًا من ذي قبل والكشف عنها كذلك، وهذا ما يدعونا إليه الكاتب في كتابه حول الثقافة الصحية والتعرف على الأمراض وأنواعها، وسلوك البشر تجاهها.
مؤلف كتاب الثقافة الصحية
الدكتور محمد بشير شريم: طبيب وكاتب في مجال الصحة والطب، ما جعل له بصمة في المكتبة العربية الطبية.