الأفلام ودور السينما
الأفلام ودور السينما
حظيت السينما في دول أوروبا بدعم حكومي أكبر من دعم الكتب، كونها معبِّرًا عالميًّا عن ثقافة محلية وتستهدف جمهورًا عريضًا ومتنوِّعًا، وعلى سبيل المثال: فإن المفاوضات التي جرت بين أمريكا وفرنسا عام ١٩٤٨م حول الإعانات التي يمكن أن تقدمها الأولى للأخيرة، اشترط الأمريكيون أحقية عرض الأفلام الأمريكية في السينما الفرنسية بالمجان، ورغم اعتراض الشيوعيين بشدة من جانب ومنتجي الأفلام الفرنسية على استحياء من جانب آخر، ورؤية البعض للأمر على أنه فرض لثقافة العم سام على القارة الأوروبية، فضلًا عن الجانب الاقتصادي_ كانت حاجة فرنسا إلى المساعدة تضطرها إلى قبول مثل هذه الشروط المجحفة، ومع حلول الخمسينيات كانت نصف التذاكر لصالح الأفلام الأمريكية مع فرض ضريبة عليها بقيمة ١٠٪ ما زال معمولًا بها إلى يومنا هذا جالبة ٢٣٠ مليون يورو سنويًّا، يُستخدم نصفها في دعم السينما المحلية، وتصل معونات الحكومة لدار السينما إلى ما بين ١٥٠٠ و٥٠ ألف يورو في العام، وهو دعم أكبر بكثير على المستوى القومي من المساعدات المُقدَّمة لمتاجر الكتب.
تلك المساعدات ليست فقط لاستمرار عرض الأفلام ولكن لتصمد في المنافسة مع سلاسل السينما العملاقة التي تخطف المشاهدين بخصوماتها الكبيرة، بل وتمنع دور السينما المستقلة من تخفيض أسعار التذاكر عن أسعارها وتحارب توسُّعها، وتجتذب المال من جيوب موزِّعي الأفلام بطرق غير مباشرة، وتحاول هذه الشبكات المحافظة على نسبة كافية من الأفلام الشعبية، فإن لم يحقِّق الفيلم نسبة مشاهدات عالية في الأيام الأولى لعرضه سرعان ما يُستبدَل به آخر أكثر تجارية مخافة تراجع عدد المشاهدين، ما يؤدِّي إلى حرمان أفلام ذات قيمة من تكوين جمهور لها أو الوصول إليهم، وقد كانت السينما إحدى وسائل الهرب والترفيه الشائعة خلال الحرب العالمية الثانية وازداد التردُّد عليها في الستينيات ثم تراجع في السبعينيات والثمانينيات بعد أن غزت محطات التلفاز بيوت الفرنسيين، لكن في دولة مثل أمريكا ما تزال مبيعات التذاكر مرتفعة وتقدِّم الجامعات منحًا لدور سينما مستقلَّة، وبعضها كجامعة كاليفورنيا لديها أرشيف أفلام غير أنه لا يُتوقَّع فرض ضرائب على تذاكر السينما مثلما يحدث في فرنسا، فالتكتُّلات التجارية في هوليود فعالة في منع مثل هذه القرارات.
الفكرة من كتاب المال والكلمات (تجارب في التمويل الثقافي)
يناقش أندريه شيفرين في هذا الكتاب مظاهر التحوُّل في عالم الكلمات في السنوات الأخيرة، ويرصد الأحوال الطارئة على دور النشر والسينما ومتاجر الكتب والصحافة والمآلات التي قد تصير إليها بحس خبير في عالم النشر والكتب والإعلام وعقلية مدركة لمساوئ الرأسمالية وأضرار التكنولوجيا على الحراك الثقافي والإعلامي، وهو تتمَّة لكتابه السابق “عالم أعمال الكتب” الذي لاقى ردود فعل متباينة، ورغم أنه يتناول التغيرات الثقافية في قطعة صغيرة من العالم؛ في أمريكا وبعض أوروبا، فإن الوضع في العالم العربي مشابه إن لم يكن أسوأ، بل ربما ما زال مثقَّفوه لم ينتبهوا لوجود مشكلة من الأساس أو لم يحرِّكوا حيالها أي ساكن يظهر أثره.
مؤلف كتاب المال والكلمات (تجارب في التمويل الثقافي)
آندريه شيفرين : وُلِد شيفرين عام ١٩٣٥، ودرس في جامعتي ييل وكامبريدج، وهو كاتب فرنسي أمريكي ذو توجُّه اشتراكي مناهض للشيوعية، عارض الغزو السوفييتي لتشيكوسلوفاكيا وحرب الولايات المتحدة في فيتنام، وعمل لمدة ثلاثين عامًا ناشرًا لـ«Pantheon Books»، ثم أسَّس في عام ١٩٩٢ مؤسسة «The New Press» غير الربحية، لمعارضته الاتجاهات الاقتصادية التي منعته من نشر الكتب الجادة التي يرى وجوب توفيرها، وكانت أزمة النشر الغربي على رأس اهتماماته، وقد مُنِح شيفرين وسام جوقة الشرف من الحكومة الفرنسية عام ٢٠١١، وتُوفِّي بعدها بسنتين بسرطان البنكرياس.
من مؤلفاته:
– The Business of Books: How the International Conglomerates Took Over Publishing and Changed the Way We Read.
– A Political Education: Coming of Age in Paris and New York.