الأفلام والمشاعر الإنسانية
الأفلام والمشاعر الإنسانية
قديمًا درج التعامل مع المشاعر والأفكار على أنهما شيئان منفصلان متمايزان، فالقلب متَّقد ومندفع، بينما العقل بارد منطقي، بيد أن أغلب النظريات الحديثة عن المشاعر تذهب إلى أن الفصل بينهما ليس بالأمر اليسير، إذ إن العمليات المعرفية تحدث فعليًّا بالتزامن مع العمليات الشعورية، كما ترتبط ردود الفعل الشعورية بصلات فسيولوجية مع أنماط الفكر، لذلك فإن استيعاب السرد في الفيلم، يعتمد على البُعد الشعوري، ومن ثمَّ يعتبر الفيلم “آلة مشاعر”، فعندما يشاهد الناس فيلمًا ما تنتابهم مجموعة من المشاعر، فإذا شاهدتَ فيلمًا مع عدد من الأشخاص سوف تلاحظ المشاعر التي تثيرها الأفلام من ضحكات ودموع وتعبيرات عن الهلع والخوف وانتفاضات من وقع المفاجأة.
إن البشر لديهم سيناريوهات لجميع ما يؤدُّونه أو يشهدونه من أفعال تساعدهم على شق طريقهم خلال اليوم، وتحقِّق لهم النجاح والبقاء على قيد الحياة، ومن ثمَّ فإن هذه السيناريوهات تحمل أصداءً شعورية تتيح لنا اتخاذ قرارات حدسية حول كل ما يحمل قيمة أو يعد مصدرًا للمخاطرة، وهذه السيناريوهات تمتد إلى استيعاب الأحداث الروائية في الأفلام، فعندما نشاهد مشهدًا معينًا، فإنه يجلب معه استجابة شعورية تلقائية، وبناءً على ذلك بيَّنت التجارب أن سيناريوهاتنا الأساسية تؤثِّر في حدَّة ردود أفعالنا الشعورية، إذ إنه في إحدى الدراسات عُرِض على المشاركين مقتطفات من فيلمين أحدهما روائي والآخر غير روائي يمثل كل منهما أحد الأنماط التالية: حفلات الزفاف، مرض الإيدز، حياة الزعيم الهندي غاندي، فكانت ردود الأفعال الشعورية نحو مقتطفات أفلام الإيدز والزفاف أكثر حدَّة من مقتطفات الأفلام التي عرضت حياة غاندي، كما أن المشاركين نجحوا في تذكُّر المادة المعروضة في أفلام الزفاف والإيدز بشكل أفضل من تذكُّرهم أفلام غاندي، والسبب أن أفلام الزفاف والإيدز تتطابق مع سيناريوهين مؤثرين في حياتنا، هما: الحب والموت، بينما تتناول أفلام غاندي مواقف اقتصادية واجتماعية وسياسية معقدة رغم أنها لا تخلو من المشاعر.
الفكرة من كتاب السينما وعلم النفس.. علاقة لا تنتهي
إن جميع الأفلام مفعمة بالعناصر السيكولوجية، ومن ثمَّ فهناك تضافر بين علم النفس والسينما، إذ يستغل كتَّاب السيناريو المشاعر البشرية ويوظِّفونها في أفلامهم، لذلك يستعرض الكاتب تأثير الأفلام في استيعاب المشاهدين للأمراض النفسية وتعاملهم معها، وكذلك تأثير الأفلام المشبَّعة بالعنف في زيادة السلوك العدواني بين الناس، وتأثيرها في انتشار التحرُّش والاغتصاب والانتهاكات الجنسية، كما يبين ظاهرة محاكاة الناس لما يشاهدونه في الأفلام، وكيف يتخذ بعض الأشخاص من الأفلام وسيلة للعيش؟
مؤلف كتاب السينما وعلم النفس.. علاقة لا تنتهي
سكيب داين يونج : يعمل أستاذًا في كلية هانوفر في ولاية إنديانا منذ أكثر من 15 سنة، يقوم بتدريس مقرَّرات ذات منحى إكلينيكي كالاضطرابات السلوكية والاستشارة والعلاج النفسي، وعلم نفس الأفلام، والتنمية البشرية.
معلومات عن المترجم:
سامح سمير فرج: هو مهندس كهرباء، ومترجم، ومن ترجماته:
السينما وعلم النفس.
رولان بارت.