الأفلام والفِصام الارتيابي
الأفلام والفِصام الارتيابي
إن الأفلام كغيرها من الفنون مشبَّعة بالعقل البشري، وتجسِّد أفعالًا بشرية، مستخدمة في ذلك صورًا متحركة أخَّاذة، وأصواتًا نابضة بالحياة، وبما أن من يشاهد الأفلام السينمائية جمهورًا من البشر، فإن لها أثرًا نفسيًّا في المشاهدين وفي سلوكهم، إن واحدًا من أشهر الأفلام في السينما الأمريكية، فيلم “سائق التاكسي” الصادر عام 1976، كان يدور حول سائق تاكسي مضطرب عاطفيًّا، وكان الفيلم يحتوي ألفاظًا لغوية فجَّة، ومشاهد مربكة، ومذبحة دموية عنيفة للغاية، وعلى الرغم من أن الفيلم غرضه تجاري، فإنه حقَّق نجاحًا مدوِّيًا، وأقبل عليه جمهور كبير، وانقسم الجمهور حول الفيلم بين رأي يرى أنه فيلم باهر ورائع لأنه غاص داخل النفس المجروحة، وبين رأي آخر يرى أنه فيلم استغلالي ومضلِّل على المستوى الأخلاقي، إذ أصبح أحد مشاهد الفيلم عندما كان البطل يقف أمام المرآة عاري الصدر ومدجَّجًا بالسلاح ويسأل نفسه بنبرة تهديد: “هل تخاطبني؟” جزءًا من اللغة المتداولة بين الناس!
إن أحد آثار فيلم “سائق التاكسي” في الجمهور، أنه في عام 1981 شاهد أحد المتفرِّجين وهو “جون هينكلي” الفيلم نحو 15 مرَّة في إحدى دور العرض، وقد أوحى له الفيلم أن يقوم باغتيال الرئيس الأمريكي “رونالد ريجان” ليجذب أنظار واهتمام “جودي فوستر” التي كان جون مغرمًا بها عاطفيًّا، وبالفعل وقعت محاولة الاغتيال، لكنها باءت بالفشل، وأسفرت عن إصابة ريجان بطلق ناري، وإصابة عددٍ بجروح وإصابات خطيرة، وتم تشخيص حالة جون على أنها “فصام ارتيابي”، وأدَّت تلك الواقعة إلى فتح باب من الجدل الثقافي حول الحد من انتشار الأسلحة، ودور وسائل الإعلام في المجتمع، وتشويه الحقيقة في الصور التي تقدِّمها وسائل الإعلام، وطبيعة التفكير الارتيابي.
الفكرة من كتاب السينما وعلم النفس.. علاقة لا تنتهي
إن جميع الأفلام مفعمة بالعناصر السيكولوجية، ومن ثمَّ فهناك تضافر بين علم النفس والسينما، إذ يستغل كتَّاب السيناريو المشاعر البشرية ويوظِّفونها في أفلامهم، لذلك يستعرض الكاتب تأثير الأفلام في استيعاب المشاهدين للأمراض النفسية وتعاملهم معها، وكذلك تأثير الأفلام المشبَّعة بالعنف في زيادة السلوك العدواني بين الناس، وتأثيرها في انتشار التحرُّش والاغتصاب والانتهاكات الجنسية، كما يبين ظاهرة محاكاة الناس لما يشاهدونه في الأفلام، وكيف يتخذ بعض الأشخاص من الأفلام وسيلة للعيش؟
مؤلف كتاب السينما وعلم النفس.. علاقة لا تنتهي
سكيب داين يونج : يعمل أستاذًا في كلية هانوفر في ولاية إنديانا منذ أكثر من 15 سنة، يقوم بتدريس مقرَّرات ذات منحى إكلينيكي كالاضطرابات السلوكية والاستشارة والعلاج النفسي، وعلم نفس الأفلام، والتنمية البشرية.
معلومات عن المترجم:
سامح سمير فرج: هو مهندس كهرباء، ومترجم، ومن ترجماته:
السينما وعلم النفس.
رولان بارت.