الأفكار تصنع الحدث
الأفكار تصنع الحدث
تحتاج الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى مراكز فكرية تدرس مشاكلها وتحلِّل قضاياها كحاجتها الملحة إلى توليد الأفكار واختراعها، وللتحقق من تمام هذه العملية بنزاهة وحياد، والابتعاد بها عن التوجهات السامة والأهداف المدمرة فلا بد من تقديم الضمانات أو وضعها كمعيار حاكم لقبول هذه الأفكار أو رفضها.
وبالنظر إلى مراكز الفكر الأوروبية والأمريكية نجد أنها قطعت أشواطًا كبيرة في رحلة صناعة الأحداث وتوجيهها واستغلال الفكرة في ذلك.
ومع هذا فلا يزال ينتظرها ما ينتظرها من تحدِّيات كثيرة على عالم مفتوح التواصل والعلاقات تهدِّده كثير من المخاطر والمشكلات، بدايةً من احتمالات ارتفاع الاحتباس الحراري وصولًا إلى توقعات تضخم وتزايد سكاني مستمر.
وهذا يزيد من شدة الحاجة إلى وجود هذا النوع من مراكز الفكر المنضبطة التي تعمل على تحديد مصطلحات البحث ومفردات الحوار وتجتهد في وضع الأجندة الملائمة للمراهنة على المستقبل وفق تصوُّر جديد ومقنع.
غير أن الخطر القادم لا يكمن في وجود هذه المراكز، فالحاجة إليها سالفة الذكر باتت معروفة عند الجميع، إنما الخطر في احتمالية استغلالها من قبل جماعات أيديولوجية لعبًا على قدرتها في توليد الأفكار وقدرتها على التأثير.
وهذا خطير من وجوه أبرزها: أن يتصدَّر المشهد مراكز فكرية مؤدلجة في مقابل انحسار مساحات عمل وتأثير المراكز المستقلة بشكل ينعكس على الحقائق والنتائج سلبًا، فيعلو صوت الزيف وتختنق صرخات الحقيقة، وهذه مسؤولية ينبغي أن يتحمَّل عبئها جميع أفراد المجتمع، ابتداءً بمتلقِّي الفكرة وانتهاءً بمؤسسات الدولة وجهازها الرقابي إن كانت هناك رغبة حقيقية في أن تصبح هذه المراكز مفيدة للجميع.
الفكرة من كتاب مراكز الفكر – أدمغة حرب الأفكار
كانت الأفكار ولا تزال محرك التاريخ الإنساني في مختلف مجالاته وفنونه، ومؤثرًا محوريًّا في شتى ظواهره وشؤونه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية والثقافية والدينية، حتى بلغ تأثيرها أبواب المختبرات والمجامع العلمية، عدا أنها كانت محركًا لحروب عدة ونزاعات دامية دامت سنواتٍ وعقودًا، فحكمت بطي صفحات من التاريخ وابتداء أخرى.
وسنجد في هذا الكتاب حديثًا مشابهًا عن أهمية الفكرة في إدارة الصراع؛ وكيف استفادت كثير من الدول الأوروبية من الأفكار؟ وكيف استطاعت من خلالها تغيير مسارات التاريخ مرات عديدة؟ وكيف تحوَّلت إلى مراكز ومؤسسات قائمة بذاتها تستقطب أطراف الصراع والتمويل، وتسوس القرار وتوجه مؤسسات المجتمع.
مؤلف كتاب مراكز الفكر – أدمغة حرب الأفكار
ستيفن بوشيه: مدير مساعد “Notre Europe”، وهو مركز فكر متخصِّص بالمسائل الأوروبية، وقد عمل مستشارًا لدى وزيرة النقل البلجيكية، ومستشارًا لأروقة الضغط في بروكسل ولندن، وأستاذًا محاضرًا في معهد العلوم السياسية في باريس.
مارتين رويو: صحفية اقتصادية، تعاونت مع وكالة الصحافة الفرنسية ومع “Nouvel Economiste” كرئيسة للقسم الخارجي ومراسلة، إضافة إلى عملها منسقة أعمال القطاع الفرنسي في منظمة العفو الدولية في البلقان.
معلومات عن المترجم:
ماجد كنج: مترجم، وله عدد من الكتب المترجمة الأخرى، ومنها: “مصادر الطاقة المستقبلية.. الهيدروجين وخلايا الوقود والتوقعات لكوكب أنظف” من تأليف: بيتر هوفمن.