الأفخاخ
الفقر -في الحقيقة- لا يعد هو الفخ، وإلا كانت جميع دول العالم ما تزال تعيش في الفقر، فالفقر يمكن التخلص منه تدريجيًّا بالعمل الدؤوب، والاجتهاد، والذكاء، والنمو القوي، وبالنظر إلى تلك الدول التي تعيش تحت خط الفقر فإننا نجد أن أسباب فقرها ترجع إلى وقوعها في واحد أو أكثر من الفخاخ الأربعة التالية: (فخ الصراع، وفخ الموارد الطبيعية، وفخ الاحتباس بين جيران سيئين، وفخ الحكم السيئ).
لقد مرت دول كثيرة في العالم بواحد أو أكثر من تلك الفخاخ، ولكنها استطاعت أن تتخلَّص منها وتلحق بركب الاقتصاد العالمي مثل “موريشيوس” التي أفلتت من تلك الفخاخ في ثمانينيات القرن العشرين، ووصلت بسرعة كبيرة جدًّا إلى مستوى الدخل المتوسط، لكن على الجانب الآخر نجد أن هناك دولة مثل “مدغشقر” رغم أنها أفلتت من هذه الفخاخ منذ زمن قريب، فإنها لم تستطع أن تصل إلى مستوى الدخل المتوسط كما فعلت موريشيوس، وظلت كما هي دولة فقيرة، والسبب في ذلك راجع إلى أن السوق العالمي أصبح أكثر عدائية تجاه تقبُّل أي عضو جديد ينضم إلى الاقتصاد العالمي أكثر مما كان في الثمانينيات، ما يعني أن البلاد التي تخلَّصت منذ وقت قريب من تلك الفخاخ أو في طريقها إلى التخلص منها قد فاتها القطار!
والبلاد الفقيرة يختلف حالها من دولة إلى أخرى، فجنوب أفريقيا تعد دولة فقيرة، لكن لا يمكن مقارنتها بدولة مثل تشاد التي تعيش في نفق مظلم وتبعث على اليأس، وعمومًا فإن ما يميز الدول التي تعيش تحت خط الفقر عن غيرها وعن بقية دول العالم النامي، هو أن متوسط الأعمار فيها لا يتعدى 50 عامًا، مقارنةً بالدول النامية التي يصل متوسط الأعمار فيها إلى نحو 70 عامًا، ونسبة الأطفال الذين يموتون فيها قبل سن الخامسة نحو 14%، مقارنةً بنحو 4% في الدول النامية، وبناءً على ذلك يجب أن ينصبَّ جوهر اهتمامنا في اتجاه الأسباب التي أدت إلى فشل أي عملية تساعد على تحقيق أي نمو اقتصادي ينتشل هذه الدول من هذا الفقر المدقع الذي تعيش فيه، كما أن التحدي الأكبر هو القضاء على أسباب هذا الفشل من أجل تحقيق التنمية في تلك البلدان.
الفكرة من كتاب مليار نسمة تحت خط الفقر.. لماذا تخفق البلاد الأشد فقرًا في العالم؟ وما الذي يمكن عمله حيال ذلك؟
يدور الكتاب حول مجموعة من الفخاخ التي جعلت مجموعة من الدول في أفريقيا ووسط آسيا (كملاوي وسيراليون) وغيرهما، تقبع في أسفل العالم، تلك الدول التي لا تعيش تحت خط الفقر وحسب، بل وفاشلة في تحقيق أي نمو اقتصادي مقارنةً بالدول النامية والدول المتقدمة، ما يزيدها فقرًا فوق الفقر الذي تعيش فيه يومًا بعد يومٍ، فهي بلدان في الحقيقة تعيش في مهب الريح، وتهيم على غير هُدى، فبعض هذه الدول لم تقتصر القضية معها على السقوط في الخلف فقط، بل سقطت بعيدًا وأغرقت في السقوط، ومن هنا يبين لنا الكاتب معالم الفخاخ التي أدت إلى سقوط تلك الدول، وبالتبعية إلى سقوط مليار نسمة من سكان العالم في الفقر المدقع، ما كوَّن عالمًا مصغرًا مملوءًا بالتعاسة والفقر والاستياء!
مؤلف كتاب مليار نسمة تحت خط الفقر.. لماذا تخفق البلاد الأشد فقرًا في العالم؟ وما الذي يمكن عمله حيال ذلك؟
بول كوليير هو اقتصادي بريطاني، يعمل في مجال التطوير الاقتصادي، حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد، ويشغل منصب أستاذ في معهد الدراسات السياسية، وأستاذ زميل في كلية سانت أنتوني في جامعة أكسفورد البريطانية، وهو متخصص في المآزق السياسية والاقتصادية والتنموية للدول المنخفضة الدخل، وقد أسس مركز دراسة الاقتصادات الأفريقية وظل مديرًا له حتى عام 2014، له عديد من المقالات واللقاءات الصحفية والفيديوهات، ومن كتبه المترجمة إلى اللغة العربية:
مليار نسمة تحت خط الفقر.
الهجرة: كيف تؤثر في عالمنا؟
ومن كتبه باللغة الإنجليزية:
The Plundered Planet: Why We Must, and How We Can, Manage Nature for Global Prosperity.
Plundered Nations? Successes and Failures in Natural Resources.
معلومات عن المترجم:
هيثم جودت نشواتي: مترجم، ترجم عددًا من الكتب، منها:
السلحفاة.. التاريخ الطبيعي والثقافي.
رواية “الطريق” بالاشتراك مع المترجم “معين محمد الإمام”.
مليار نسمة تحت خط الفقر.