الأعداء الثلاثة
الأعداء الثلاثة
إنَّ أكثر زوار العيادات النفسية هم أسرى الاضطرابات الانفعالية الناشئة عن القلق والاكتئاب والغضب، ويُطلق عليهم العلماء اسم “العصابيين”، وهم -بخلاف مرضى الذُّهان- يتمكَّنون من ممارسة الحياة العادية، ولكن يدخلون في صراعات داخلية وخارجية قد تدمِّر حياتهم أو حياة الآخرين.
القلق مرض العصر وسمة في معظم الأمراض الأخرى، وهو جرس إنذار لخطر متوقع أو متوهم، ولكنه جرس خَرِب؛ صوته صاخب يصمُّ الآذان، فالقلق استجابة مفرطة لأشياء مرتقبة تحتوي خطرًا حقيقيًّا أو مجهولًا مع الشعور بالعجز عن مجابهته، ويكون مصحوبًا بمخاوف عديدة وتغيُّرات نفسية وعضوية وسلوكية، وعدم القدرة على التفاعل الاجتماعي وأداء المهام اليومية واتخاذ القرارات، وقد يكون قلقًا عامًّا، أي مخاوف من أشياء غير مهدَّدة بطبيعتها وربما تكون سارة كالنجاح؛ للإحساس بأنها ستنقلب إلى كارثة مستقبلية، وقد يتخذ أشكالًا محدَّدة مثل الفوبيا والمخاوف الاجتماعية والوساوس القهرية.
ذكر تقرير لمنظمة الصحة أن ١٢١ مليون شخص يعانون الاكتئاب، وهو إحباط وحزن طويل المدى يُسبب اضطرابات انفعالية، مصحوبًا بأعراض اليأس والشعور بالذنب وانعدام الثقة بالنفس والبكاء والضعف الجنسي وفقدان الشهية والانطواء والأرق، وقد يصل صاحبه إلى الانتحار، والفرق بين القلق والاكتئاب، أن الأول يرتبط بتغيرات المستقبل، والثاني يتعلق بأحداث الماضي.
الغضب هو “الجمرة التي تحرق صاحبها” وتدمِّر الآخرين، وقد أصبح ظاهرة قبيحة منتشرة في المجتمع وتسبَّبت في كوارث مفجعة لا سيما حالات العنف الأسري، والغضب، وإن كان له مبرراته كحفظ حقوقنا من تعدِّي الآخرين وإعادة ضبط النظام، فله عواقب وخيمة حين يفلت الزمام، وتحرق ناره -غالبًا- أقرب الناس إلينا كالأسرة والأبناء، وبيَّنت دراسة أن الأطفال الذين تربَّوا في جو أسري عنيف أميل إلى الكآبة والتشاؤم، وللغضب ثلاثة مكونات: ترجمة خاطئة أو تفسير سلبي لسلوك خارجي (مثل: إنه تعدَّى على كرامتي)، واستجابة عضوية نتيجة زيادة إفراز هرمون الأدرينالين في شكل ضغط مرتفع وضربات قلب متسارعة ودورات تنفس متلاحقة، ثم رد فعل لفظي أو بدني.
الفكرة من كتاب السعادة في عالم مشحون بالتوتر وضغوط الحياة
نواجه في حياتنا اليومية الكثير والكثير من الضغوط والقلاقل والمنغِّصات والخبرات السيئة التي تسلبنا الراحة والطمأنينة، وتتغذى على اتزاننا النفسي وصحتنا البدنية والعقلية وتؤثر بالسلب في وظائفنا المهنية وأدوارنا الاجتماعية، والأهم من ذلك أنها تحرمنا الشعور بالسعادة والاستمتاع بالحياة والرضا عنها، وقديمًا قال الشاعر العربي: “كلُّ ابنِ همٍّ بليةٌ عمياءُ”.. ويقدم لنا الدكتور عبد الستار إبراهيم -بخبرته الطويلة- توصيفًا لمشكلات القلق والاكتئاب والانزواء على الذات واضطراب العلاقات الاجتماعية، ويطرح أساليب مُجَرَّبة لتحسين حياتنا ومواجهة مشاكلها ومنغصاتها لفتح النوافذ أمام نسمات السكينة والاطمئنان والسعادة.
مؤلف كتاب السعادة في عالم مشحون بالتوتر وضغوط الحياة
الدكتور عبد الستار إبراهيم: أستاذ العلوم النفسية واستشاري الصحة النفسية والعلاج النفسي بالمركز الطبي التابع لجامعة الملك فهد، وزميل بكثير من الجمعيات العلمية العالمية في علم النفس والصحة النفسية كالجمعية النفسية الأمريكية، وأكاديمية العلوم والفنون والآداب بولاية ميشجان، وجمعية الصحة العقلية التابعة لمنظمة الصحة الدولية، وقد وُلِد في قرية الزينية بالأقصر، وتخرج في قسم علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس ١٩٦٢، ونال الدكتوراه في علم النفس من جامعة القاهرة ١٩٧٢، ونشر كثيرًا من الكتب والأبحاث الجامعية والثقافية وعلم النفس والعلاج النفسي للقارئ العام والمتخصص، ومُنِح كثيرًا من الجوائز التقديرية والشرفية من مؤسسات أمريكية وبريطانية.
من مؤلفاته:
– القلق قيود من الوهم.
– الحكمة الضائعة.. الإبداع والاضطراب النفسي والمجتمع.