الأطفال يجيدون أكثر مما تظنون
الأطفال يجيدون أكثر مما تظنون
كثيرًا ما نحب أن نعبر عن اهتمامنا وعطفنا تجاه أبنائنا بمساعدتهم على تولي كثيرٍ من أمورهم، فنحن لا نحب أن نرى أولادنا يعلو وجوههم التجشم والارتباك، فنهُم فورًا لحل الأمور عوضًا عنهم، ومن ثم نردد أن الطفل في هذه السن لا يمكنه فعل كذا وكذا، فنرى الطفل ينظر إلى نفسه بالنظرة نفسها، مما يفقده الثقة بنفسه وقدراته.
إن الطفل من سن المشي وهو قادر على تولي مسؤوليات مشتركة في البيت، فمثلًا بإمكانه وضع ملابسه وصحونه المتسخة في المكان المخصص لها، وارتداء ملابسه بمفرده، حتى الصعب منها، وطيها ووضعها في مكانها، واتباع التعاليم البسيطة المكونة من خطوتين أو ثلاث، كجلب الفرشاة ووضع المعجون ومن ثم غسل الأسنان.. وغير ذلك.
ومع تقدم الأطفال في العمر يزداد إدراكهم للبيئة من حولهم ويتعلمون أكثر، فالأطفال من سن الثالثة إلى الخامسة يحبون العد، فيمكننا منحهم مهامًّا تتطلب ذلك، كجلب خمس برتقالات أو وضع خمسة صحون على الطاولة، كما يمكنهم تنظيف غرفهم وترتيب فرشهم، ومن الجميل أن ندلهم على الطريق الأمثل لذلك، لكن لا تحاول التعديل على ما رتبوه، بل دع كلًّا منهم ينجز مهمته بالطريقة التي يحب، كما يمكن للطفل في سن السادسة إلى الحادية عشرة أن يدرك مفهوم السبب والنتيجة، فيفهم عواقب أفعاله، فمثلًا يدرك أنه إذا لم يضع ملابسه المتسخة في السلة فلن تُغسل، وفي هذا الوقت دع طفلك يتحمل نتائج فعله ولا تسأله عن ملابسه المتسخة، ولكن أعلمه بسبب عدم غسلك لها، واعمل معه على عدم تكرار الأمر، وفي حين بلوغ الطفل سن المراهقة، سيتمكن من القيام بجميع الأعمال المنزلية، كالطلاء وتحضير الطعام وغسل الملابس.. وغيرها.
إن السر في ترسيخ الشعور بالمسؤولية والفخر لدى الأطفال هو مساعدتهم على فهم أن لهم دورًا يقومون به داخل العائلة، فإن تشجيع الطفل المراهق على أن يكون كفؤًا وعضوًا مشاركًا في المنزل يمهد له الطريق ليكون ناجحًا في حياته كذلك.
الفكرة من كتاب نعمة الفشل، كيف يتعلم أفضل الآباء التجاهل حتى يتسنى لأطفالهم النجاح
هل تشعر بتماهي الحدود بينك وبين طفلك، فتارةً تعامله كصديق وتارةً أخرى تعامله كآمر له بشيء أو ناهيه عن آخر؟! نشعر أحيانًا بأن دورنا يكون متداخلًا ولا نستطيع الوقوف على حدوده، فما وظيفة الوالدين تجاه أبنائهم؟ نحن نعيش في مجتمع يكثر فيه الحديث عن الكوارث والأوبئة والأمراض النفسية والجسدية، ويحاول الأهل بكل طاقتهم توفير الحماية لأبنائهم بما يسمح لهم بممارسة حياة صحية سعيدة، هذا ما يرغب فيه كل والد، لكن أهذا ما يحدث بالفعل؟ أدركت الكاتبة أن السُّبُل المتبعة من الحماية والسيطرة للوصول إلى سعادة الطفل لا تجعله سعيدًا بالفعل، بل تجعله أكثر انحدارًا وتذبذبًا واضطرابًا تجاه الحياة والناس.
يبدو من عنوان الكتاب أننا سنمدح الفشل، ولِمَ لا؟! فالفشل هو الخطوة الأولى للنجاح، ولو لم ندرك أننا فاشلون في شيء ما، لما شعرنا بالرغبة في تعلمه، لذا علينا تقبل الفشل والانسحاب خطوات إلى الوراء، تاركين الساحة لأبنائنا ليخوضوا تجاربهم دون قيود أو مخاوف، لكن أولًا: متى ظهر اختصاصيو التربية؟
مؤلف كتاب نعمة الفشل، كيف يتعلم أفضل الآباء التجاهل حتى يتسنى لأطفالهم النجاح
جيسيكا لاهي : معلمة ومحاضرة وكاتبة، تدرس اللغة الإنجليزية واللاتينية وفنون الكتابة، كما كتبت في كل من مجلة ذي أتلانتك، وصحيفة نيويورك تايمز، وكان لها عمود نصائح نصف شهري بعنوان “اجتماع الآباء والمعلمين”، كما عملت معلقة في محطة فيرمونت بابلبك الإذاعية، وحصلت على الدكتوراه في علم القانون من جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، وقد ركزت على القوانين الخاصة بالأحداث والتعليم، ولها مؤلف آخر اسمه:
The Addiction Inoculation: Raising Healthy Kids in a Culture of Dependence.