الأطروحة المضادة
الأطروحة المضادة
توضح هذه الأطروحة أن الجميع يسعى وراء السعادة، ولا يوجد أحد يبتغي تعاسته، فبعيدًا عن التعاسة التي يصعب تحديد جوانبها، فالسعادة بطبيعتها يصعب تعريفها وتحديدها، لأن الجميع ليسوا على يقين مما سوف يسعدهم حقًّا على نحو دائم، وكل ما بوسعه أن يحقِّق فرحًا يمكن أن ينقلب إلى العكس، ولا تتحقق السعادة من خلال اشتغال الفرد على شخصيته إلا في أوقات قليلة، لكن تتوقَّف على وضع العالم الخارجي والآخرين، خصوصًا الأفراد الذين يحبهم الفرد ولا يستطيع احتمال إصابتهم بأذى، وأن السعادة بالنسبة إلى البشر حالة هشَّة جدًّا ومؤقتة ولا يمكن الوصول إليها فرادى، لأن ادِّعاء القدرة على تحقيق السعادة للجميع باستمرار عن طريق الاشتغال على الذات يكشف عن ضلال فكري يمكن أن يجعل الأفراد تعساء.
وتأتي حجج هذه الأطروحة على العكس تمامًا من حُجَج الأطروحة الأساسية، وهي أن السعادة مؤقتة وهشَّة معًا؛ لأن السعادة لا ترتبط مع النفس بشكل وثيق، ولكن ترتبط بشكل أكبر مع الآخرين والعالم الخارجي.
وتوجد مفارقة يجب على الجميع فهمها وهي أن أي شيء في إمكانه أن يجعل الشخص أكثر سعادة، هو في الوقت نفسه يستطيع أن يجعله أكثر تعاسة، فمثلًا من المعروف أن أي شخص لديه أبناء ويحبهم أكثر من حبه لأي شيء، فهم مصدر كبير لفرحته، لكنه يعلم أيضًا أنهم مصدر همٍّ كبير.
ولو تم اعتناق فكرة إمكانية تحقيق السعادة من خلال الفرد وحده، فمن الضروري التفكير بأنه يجب على الإنسان أن يحيا بمفرده، وهذا أمر مستحيل عند من تتوافر لديه مشاعر الحب الإنساني.
الفكرة من كتاب مفارقات السعادة
من السهل تحديد أسباب التعاسة كهجر حبيب أو فقدان صديق أو حادث أليم، أما السعادة فمن الصعب تحديد تعريفها، وتحديد أسبابها، ولذلك يحاول الكاتب هنا البحث عن أسباب توفير لحظات السعادة والاطمئنان في الحياة، وهدم كل الأفكار المشوهة.
مؤلف كتاب مفارقات السعادة
لوك فيري: فيلسوف فرنسي ولد سنة 1952، شغل منصب وزير التربية والتعليم في فرنسا في الفترة (2002: 2004).
التحق لوك فيري بالتدريس، فدرَّس الفلسفة والعلوم السياسية في جامعات فرنسية كثيرة، وبدأ نشر إنتاجه منذ 1985 بكتاب ينتقد الفكر الفلسفي السائد، وعنوانه “مقال في مناهضة الإنسية المعاصرة”، ثم أصدر كتابًا بعنوان “النظام الإيكولوجي الجديد”، وآخر بعنوان “الإنسان الإله أو معنى الحياة”.