الأصول التاريخية للفكر

يقال إن أفكار الفيلسوف تلقى رواجًا في المجتمع عندما تعكس طبيعة المجتمع الذي يعيش فيه هذا الفيلسوف، هكذا كانت أفكار أرسطو موضع اهتمام المجتمع الإغريقي، ثم جاء المجتمع الغربي بعد ذلك ليتبنى فلسفة أرسطو ويبني عليها ثقافة المجتمع، لتكون أوجه التشابه بين نمط تفكير الأفراد في العالم الغربي المعاصر أقرب ما يكون إلى ما كان عليه الإغريق من قبل، فما الذي كانت عليه حضارة الإغريق؟ 

 الحل: 📚📚📚 مكتبة ضخمة جدا 

من الكتب المبسطة والمضغوطة على هاتفك مع تطبيق أخضر

تطبيق أخضر يوفر لك آلاف ملخصات الكتب العربية والعالمية بطريقة مقروءة ومسموعة في أكثر من ١٦ قسم في كافة مجالات الحياة 

حمله الآن 😎

جوجل بلاي -- أبل ستور

كانت الحضارة الإغريقية بمنزلة مركز تجاري رئيس يأتي إليه البشر من جميع أنحاء العالم، لذلك كانت ملتقًى للثقافات ولمعرفة آراء الإغريق ومعتقداتهم، كان شعب الإغريق يشعر بأنه يملك قدرًا كافيًا من الحرية، إذ كانت المسائل العامة موضوعًا للمناقشة بين الجمهور في الساحات، وكانت كثرة تعرضهم لاختلاف الآراء في معظم الأوقات سببًا لاهتمامهم بمعرفة طرق الاستدلال والجدل لبيان الصواب من الخطأ، كذلك كان الإغريق يملكون فضولًا معرفيًّا ويسعون دائمًا وراء فهم طبيعة العالم الذي كان بالنسبة إليهم يغلب عليه طابع الثبات ويمكن التحكم فيه، لذلك كانوا يميلون إلى تجريد القضايا والبحث عن مبادئ عامة يمكنها تفسير الأشياء في هذا العالم. 

على الجانب الآخر توارثت معظم أفكار المجتمع الشرق آسيوي من ثقافة حضارة الصين القديمة، التي كانت تعتمد بشكل رئيس على مبادئ الفيلسوف كونفوشيوس وفلسفة الطاو، كان شعب الصين القديمة لا يهتم بحرية الفرد بقدر سعيه إلى وجود تناغم بين أفراد المجتمع، إذ يحكم كلَّ فرد دورٌ محدد يؤديه داخل المجتمع الأكبر، وإذا كان الذهاب إلى المناقشات العامة هو أهم مناسبات الإغريق، فإن الذهاب إلى زيارة الأقارب والأصدقاء كان أهم مناسبات شعب الصين، امتلك الصينيون القدامى فضولًا معرفيًّا ضئيلًا تجاه العالم الذي كان بالنسبة إليهم يتسم بالتعقيد، لذلك كانوا يرون أن محاولة البحث عن قواعد عامة تحكم هذا العالم يصعب تحقيقها، واقتصروا على المعرفة التي يبنى عليها العمل، فقد كان اهتمامهم الحقيقي البحث عن سبيل للحياة وليس البحث وراء الحقائق المجردة.

هل للتاريخ والعادات الاجتماعية واللغة دور في نمط التفكير الذي ينتهجه الإنسان في الحياة؟ هل القاعدة التي تقول إن قواعد التفكير البشري واحدة يشترك فيها جميع الأجناس والثقافات صحيحة؟ أم إن القاعدة التي تقول إن قواعد الفكر البشري تختلف باختلاف الثقافات هي الأصح؟

يتعرض الكتاب الذي بين أيدينا بالنقد للمُسلّمة الغربية التي تقول إن قواعد التفكير البشري واحدة يشترك فيها جميع البشر، عن طريق عرض وجهة نظر أخرى توضح أن ما يعتبر في نظر العالم الغربي قواعد عامة للفكر الإنساني، قد يكون في حقيقته مجرد عادات مجتمعية وليست قوانين فطرية، وأن أبناء الثقافات المختلفة يختلفون في معتقداتهم ورؤيتهم للعالم بناءً على اختلافهم في أنماط التفكير.

كما يتعرض الكتاب لأهم الاختلافات التي تميز نمط تفكير أبناء العالم الغربي المتمثل في أوروبا وأمريكا، والعالم الشرق آسيوي المتمثل في الصين والدول التي تأثرت بالثقافة الصينية مثل اليابان وكوريا.

ريتشارد آي نيسبت: عالم نفس، عمل أستاذًا لعلم النفس بجامعة ييل، حصل على درجة الزمالة بمؤسسة جون سيمون جوجنهايم، كما حصل على عديد من الجوائز منها جائزة الإسهام العلمي المتميز لرابطة علم النفس الأمريكية، له عدة مؤلفات منها كتاب “بناء المهارات العقلية: مهارات وأدوات التفكير الذكي “.

معلومات عن المترجم:
شوقي جلال محمد: ولد عام 1931 في القاهرة، عضو المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة بلجنة الترجمة، له عدة مؤلفات منها: كتاب العقل الأمريكي يفكر، كما ترجم عديدًا من الكتب، منها: كتاب الثقافات وقيم التقدم.