الأشياء في المستقبل
الأشياء في المستقبل
لعل أهم ما يميز العالم الحديث اليوم هو هذا الانفجار الكبير في الذكاء البشري والإنجاز العقلي، ومن ثمَّ كان التطور العلمي والتقادم السريع للأشياء، حيث يتجه البشر صوب تدشين الكون الرقمي والحياة الذكية، ولكن مع ذلك تظل هناك بعض المخاوف المتزايدة نتيجة القلاقل والاضطرابات بين الجماعات البشرية التي قد تؤدي إلى اختصار عمر الكوكب بأكمله، فهل يُسهم هذا التطور العلمي في إحداث التقارب بين البشر والجماعات، أم أن البشرية لن تتورع عن تدمير نفسها؟ فهي الآن تملك في جعبتها ما يمكنها به القضاء على نفسها، سواء بواسطة أسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها، أو عن طريق زيادة معدلات التلوث واضطرابات المناخ.
فمع كل نزاع يظهر على الساحة بات يتجدد السؤال هل حانت ساعة القيامة؟! لذا كان لزامًا على البشرية أن تعمل على تنمية الوعي والتعاون فيما بينها، وضبط الأفعال حتى يتسنى لها فرصة الخروج من هذا الموقف المأسوي والبقاء على قيد الحياة، وبخاصة في ظل سعي البشر لامتلاك وسائل أكثر ذكاءً ستغير بلا شك الملامح العامة للحياة في المستقبل، لذلك من المتوقع أن نشهد ثورة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي -إن كنا اليوم نلمس جوانب منها- والهندسة الوراثية وتحسين القدرات البشرية، وبات يتم الحديث عن الخلود الرقمي وهل هو ممكن حقًّا؟ فاليوم صرنا أقرب إلى بعض الأشياء التي كانت في الماضي ضربًا من الجنون والشذوذ الفكري.
ويرى الكاتب أن المستقبل يحمل في طياته الكثير من الآمال نحو مشاركة الأفراد لبعضهم بعضًا في النشاطات العقلية والعاطفية عبر تقنيات التخاطر الذهني، والوصول إلى التحكم في مراكز اللذة والألم والذاكرة والخبرات ومراكز التعلم والتحكم في المشاعر والأحاسيس وتشكيل السمات الشخصية للفرد المستهدف، فكل الدراسات الاستشرافية التي تناولت شكل الحياة في المستقبل في ظل هذا التسارع التكنولوجي قد اتفقت كلمتها على أنه عصر جديد لا يمكننا إخضاعه ولا الحكم عليه وفقًا لمقاييس عصرنا اليوم.
الفكرة من كتاب عقول المستقبل
يدرك الجميع أننا على مشارف تحوُّل ضخم يفوق في آثاره جميع مخرجات الثورة الصناعية السابقة، فمحاولات الوصاية على العقل البشري ومنعه حرية الانتقال نحو آفاق جديدة قد باءت جميعها بالفشل، من هنا كانت تلك القضية هي الشغل الشاغل للباحثين المعنيين بدراسة المستقبل واستشرافه، وتمثل تلك النقلة النوعية في التطوُّر التكنولوجي العديد من الآليات والأدوات والعلوم الجديدة المختلفة، وعلى ذلك فبدلًا من محاولة الارتكان إلى الماضي والتشبث به، علينا التسلح بخرائط عقلية جديدة لمواكبة المستقبل، ويعد هذا الكتاب باب الولوج لاستشراف المستقبل وشكل الحياة في الغد.
مؤلف كتاب عقول المستقبل
جون ج. تايلور: فيزيائي ومؤلف بريطاني، وُلد في الثامن عشر من أغسطس من عام 1931، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة كامبردج البريطانية، كما عمل بالوسط الأكاديمي في علوم الفيزياء الرياضية والذكاء الاصطناعي، حيث كان أستاذًا فخريًّا ومديرًا لمركز الشبكات العصبية في كينجز كوليدج لندن، وعالمًا زائرًا لمركز الأبحاث في معهد الطب في يوليش بألمانيا، توفي في العاشر من مارس من العام 2012.
له عدة مؤلفات منها: “السباق من أجل الوعي”، و”العقل: دليل المستخدم”، و”الثقوب السوداء: نهاية الكون؟”.
معلومات عن المترجم
د. لطفي محمد فطيم: مترجم مصري، حصل على شهادة الدكتوراه في علم النفس من جامعة عين شمس، عمل أستاذًا أكاديميًّا بعدد من الجامعات المحلية، كما أنه عضو في عدد من جمعيات علم النفس الدولية، وله مؤلفات منها كتاب “الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي”، وله بعض الترجمات، أبرزها: “أزمة علم النفس المعاصر”، و”نظريات الشخصية”.