الأشرار في السينما
الأشرار في السينما
في الماضي، كان الشرير في السينما رجلًا ذا بعد واحد، له ملامح كريهة مستبشعة، ليس له هدف سوى تدمير العالم بلا أي دافع سوى الشر المحض، أما اليوم فقد أصبح الشرير الذي يظهر في السينما ذا أبعاد متعددة، وأصبحت دوافعه مركَّبة ومقبولة؛ فيبدأ المُشاهد بالتعاطف مع الشرير بل وربما الإعجاب به!
يظهر ذلك واضحًا مثلًا في فيلم الرسوم المتحركة “رالف المدمر”، والذي تأتي آخر جملةٍ فيه على لسان البطل رالف “أنا شرير، وهذا جيد، أنا لن أكون طيبًا أبدًا، وهذا ليس سيئًا، لا أرغب أن أكون أحدًا غيري”؛ في رسالة واضحة تبين أهمية تقبُّل الذات وعدم السعي للتغيير إلى الأفضل، وفي فيلم “الفرقة الانتحارية” يتم تكوين فريق من مجموعة من أخطر الأشرار المسجونين من أجل تنفيذ بعض العمليات السرية لصالح الأمن القومي الأمريكي، كل هذا يُقدَّم في سياق درامي يجعلك تتعاطف معهم بعد أن تعرف المواقف الإنسانية التي مروا بها، أما ثلاثية “فارس الظلام” فقد قام كاتبها كريستوفر نولان بإعادة صياغة شخصية الجوكر الشرير لتصبح أكثر عمقًا وتركبيًا إلى الدرجة التي جعلت شخصية جوكر “2008” أكثر شهرة من شخصية باتمان البطل الطيب نفسه!
لكن لماذا يقوم الكتَّاب وصناع الأفلام بتطوير شخصية الأشرار إلى الدرجة التي تجعل القارئ أو المُشاهد يتعاطف معها أو يقع في حبها؟ يقوم الكتاب بتعزيز أبعاد الشخصية الشريرة لأن الشخصية الشريرة ذات البعد الواحد لا تستهوي القراء، لذلك يقوم الكتَّاب بصناعة شخصية “الشرير المستعطف”، والذي يكون لديه نفس مقومات الشخصية الطيبة من البعد الإنساني والفلسفي والتاريخي، ما ساعد أيضًا على تطوير شخصية الأشرار أن الأعمال الدرامية التلفزيونية أصبحت طويلة تمتدُّ إلى عدة مواسم؛ لذلك أضحت تتطلَّب تقديم شخصيات معقدة ومركبة من الناحية النفسية، أضف إلى ذلك أن الممثل الذي يجسِّد دور الشرير يجد نفسه ملزَمًا بتمثيل دوره ببراعة وإبداع حتى تستمر شهرته ومصدر دخله.
الفكرة من كتاب الأشرار
هل شاهدتَ فيلم الجوكر أو فيلم ماليفيسنت أو حتى فيلم كرويللا؟ أصبح أشرار الأمس أبطال اليوم، وأبطال الأمس أشرار اليوم، هذه الظاهرة العكسية أصبحت تتكرَّر في كثير من أفلام السينما، حيث تكون شخصية شريرة هي بطلة الفيلم وتدور الأحداث حول الحياة الصعبة القاسية التي مرت بها الشخصية حتى أمست شريرة؛ فيتعاطف معها المُشاهد أو يقع في حبها في النهاية.
يناقش كتاب “الأشرار” هذه الظاهرة الغريبة من خلال رصد الأفلام التي ظهر فيها الشرير بشكل جذاب ومحبَّب للنفس، ثم يستعرض الأسباب التي تؤدي بنا إلى محاباة الأشرار والتعاطف معهم سواء أثناء مشاهدة الأفلام أو في حياتنا الواقعية، كما يتناول العوامل التاريخية والفلسفية التي هيَّأت العقل الغربي للتطبيع والتصالح مع الأشرار، وأخيرًا يتحدث عن العلاقة بين صناع القرار وتجار الإعلام التي يكون هدفها الأساسي التلاعب بالجماهير وتوجيه الرأي العام في اتجاهات معينة.
مؤلف كتاب الأشرار
عمرو كامل عمر: صيدلي وباحث وكاتب مصري، صدر له العديد من المؤلفات والكتب.
من مؤلفاته: كتاب “حصان طروادة”، وروايتا “1984” و”سينماتوغراف”.
كريم طه: خبير تسويق مصري.
محمد الهمشري: أخصائي أمراض نفسية مصري.