الأشخاص الأكثر عرضة للإنهاك
الأشخاص الأكثر عرضة للإنهاك
على الرغم من أن ظاهرة الإنهاك شديدة الشيوع، ويمكن أن تصيب الجميع إذا توافرت الأسباب والدوافع، فإنها كغيرها من الاضطرابات تظهر بشكل أكثر وضوحًا في بعض الأنماط الشخصية دون غيرها، فيعدُّ الأشخاص المصابون بالعصابية neuroticism، والانطوائية Introversion، والسعي نحو المثالية Perfectionism، أكثر الأشخاص عرضة للاستنزاف في العمل، لذا فإنه يجب تحرِّي مواطن الضعف الممكنة الخاصة بهم وتوفير أنظمة مساعدة، فالعصابية تعدُّ أحد أشكال الشخصيات الخمسة في علم النفس، ويتصف أفرادها بالاستجابة الشديدة للمؤثِّرات العصبية مع المبالغة في تقدير الخطر، وقد تتسبَّب المشاكل الصغيرة في إصابتهم بالقلق والتوتر، وعلى الرغم من ذلك فإنهم يتمتَّعون بحسٍّ تحليلي جيِّد، ويتخذون القرارات بحذر وتأنٍّ، وقد تساعد حساسيتهم المفرطة للمؤثِّرات الخارجية على تبنِّي سلوكيات إيجابية بسهولة عند الحاجة، لذا فهم أكثر ملاءمة للأعمال التي تقتضي دراسة الأخطار ومواجهتها، الأمر ذاته بالنسبة للانطوائيين، فإنهم لا يفضِّلون الضوضاء والتجمُّعات البشرية الكبيرة، ولكنهم يتميَّزون بقدرة عالية على التركيز والاستماع، كما أنهم يمكنهم الإدارة بحكمة، ويميلون إلى الإبداع.
أما الباحثون عن المثالية، فهم الفئة الأكثر إصابة بالإنهاك بديهيًّا، لأنهم أصحاب معايير عالية للغاية ومسؤولية شخصية لتحقيق هذه المعايير، وعندما يفشلون في النهوض بهذه المسؤولية، فإنهم يصابون بالإحباط المؤدي إلى فقدان الثقة في النفس وضياع الشغف في نظر هؤلاء، فإن أي إنجاز غير كامل لا يعد إنجازًا من الأساس، لذا فهم يتحمَّلون معاناة داخلية ثقيلة لتقبُّل الواقع، وإدراك أن الأمور أحيانًا تخرج عن نِصَابَها، وتقبُّل أنه يمكننا أن نطلب المساعدة عند الحاجة.
الفكرة من كتاب وباء الإنهاك
هل تعلم كم يكلفنا إنهاك العمل الناتج عن سوء الإدارة سنويًّا؟ تشير “موس” إلى أنه يتسبَّب في نحو 120 ألف وفاة سنويًّا، ويحتل المركز الخامس في قائمة الأسباب التي تؤدي إلى الموت في الولايات المتحدة، هذا إلى جانب تريليون دولار خسائر اقتصادية ومليارات أخرى تهدر على الرعاية الصحية، حتى إن اليابان تمتلك خطًّا ساخنًا لمواجهة زيادة حالات الانتحار الناتجة عن العمل؛ كما أن جائحة كوفيد-19 أسهمت في تفاقم هذه الظاهرة بسبب فرض التباعد الاجتماعي واقتصار بعض الأعمال على التواصل الافتراضي، إضافةً إلى اختفاء الحد الفاصل بين العمل وممارسة الحياة العادية، ما جعل البعض يصابون بالإنهاك الذي يبدأ فى صورة إرهاق واستنزاف للطاقة مرورًا بانفصال ذهني تام عن العمل وانهيار في الإنتاجية المصاحبة له، وهذه العملية عادةً ما تؤدِّي إلى الإصابة بالأمراض النفسية مثل القلق وشيوع السلبية والتشاؤم المطلق، ويناقش الكتاب الأسباب التي قد تدفع بالشخص إلى الإعياء، وما الأساليب التي يمكن أن تواجه هذه المشكلة، وكيف يمكن عن طريق التواصل السليم وبناء الثقة أن تصبح بيئة العمل مكانًا يوفر الاحتياجات الذهنية والمادية للعاملين دون أن يتم استنزافها.
مؤلف كتاب وباء الإنهاك
جينيفر موس: هي مؤلفة متخصصة في الشؤون الإدارية لتحسين بيئات العمل، وهي عضو منشئ في مؤسسة Plasticity Labs الاستشارية للدراسة وتقديم الحلول فيما يتعلق بمقرات العمل، وتقوم جينيفر بالكتابة بشكل دوري لمجلة Harvard Business Review ومؤسسة SHRM لإدارة الموارد البشرية، كما أنها عضو منظمة السعادة العالمية التابعة للأمم المتحدة، كما تسهم في صناعة تقارير السياسة العام الخاصة بالمؤسسات وغيرها، ومن أشهر مؤلفاتها كتاب “Unlocking Happiness at Work” الفائز بجائزة Independent Press Award لعام 2018.