الأسقف البرتقالية

الأسقف البرتقالية
بعد مرور الولايات المتحدة الأمريكية بتجربة الحرب العالمية والكساد الاقتصادي العظيم في الخمسينيات من القرن الماضي، زُودت بنظام الطرق العامة بهدف نقل المُعدات العسكرية من مكان إلى آخر عند الحاجة، وبدأت الأمة برمتها تستخدم هذه الطرق بصورة أوسع، خصوصًا العائلات، لكن رحلة البحث عن مكان آمن مريح للإقامة وتناول الطعام كانت تُثبط الهمة، حتى ظهرت مطاعم هوَارْد جُونْسُون ذات الأسقف البرتقالية.

امتلك “هوَارْد جُونْسُون | Howard Johnson” امتياز سوق المطاعم القائمة على جانب الطريق بالإضافة إلى امتلاكه “هُولِيدِي إِنّ | Holiday Inn”، الذي كان أحد الرموز المسيطرة في تجارة فنادق السيارات | Motor Hotel، لتتمكن العائلات التي أرهقها السفر بعيدًا عن منازلها من العثور على مكان مألوف يوفر الإحساس بالراحة والأمان والنظافة، واستطاعت العلامة التجارية تحقيق تطور ونجاح عكس قوة الديناميكية البعيدة المدى لإدارة تجربة الزبون، إذ كانت تترك انطباعًا عميقًا لدى الزبون وميلًا إلى تكرار مثل هذه التجربة.
لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد شهدت نهاية السبعينيات من القرن الماضي المراحل النهائية لانحدار العلامة التجارية، والسبب وراء هذا الانحدار هو الاتجاه الذي اتخذته الإدارة حينها، إذ تسابق المديرون في طرح طرائق جديدة لخفض النفقات بغض النظر عن قيمتها بالنسبة إلى المستهلك، على أمل الحصول على عوائد أكبر لأجل المستثمرين، مما أدى إلى تحول النظافة والصيانة إلى أعباء كبيرة، وإغلاق مخازن البيع، وتقديم كثير من التنازلات في ما يخص مواصفات الأطعمة، وإزالة الشعارات التي تحمل اسم الشركة عن شاحنات تزويد المؤونة للمطاعم بسبب التكلفة الكبيرة اللازمة للمحافظة على نظافتها، والتخلي عن مواقع عديد من المطاعم التي أُغلِقت، مما جعل الأسقف البرتقالية تبقى واقفة كرموز تدل على انحدار هذه العلامة التجارية. شجع هوس العلامة التجارية باقتطاع النفقات، الذي يصل إلى مستوى العظم، والذي يهز بشدة الثقة التجريبية التي اكتُسِبت بجهد جهيد، على بحث الزبائن عن موردين يشكلون بديلًا لها، إذ افتقرت هوارد جونسون إلى التركيز على الزبون، مما أدى إلى ارتكابها الأخطاء بشكل تصاعدي.
الفكرة من كتاب سر المهنة: كيف تحافظ على استمرارية التعامل مع زبائنك
دعنا نتخيل الذهاب إلى أحد مَحال البقالة لشراء جالون من الحليب ودرزينة من البيض، إذ يُوفر هذا المحل منتجات طازجة بسعر مُناسب جدًّا، ولا يصعب الوصول إلى البراد، وفي أثناء التجول في المحل وجدنا الممرات مُتسخة، ورائحة المكان كريهة، وكذلك مظهر الموظفين الذي يفتقر إلى النظافة، ما احتمال العودة إليه مرة أخرى؟
من الناحية المنطقية، حصلنا على ما نريد، منتجات طازجة وبحالة جيدة، لكن مظهر المحل لم يبدُ كما أردنا له أن يظهر عليه، مما جعل تجربة الشراء تُشعرنا بفقدان الشهية، وتقودنا إلى اتخاذ قرار بعدم تكرار هذه التجربة مرة أخرى، فما السبب؟.
مؤلف كتاب سر المهنة: كيف تحافظ على استمرارية التعامل مع زبائنك
لويس كاربون: المؤسس والمدير التنفيذي للخبرة في شركة Experience Engineering، حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة ثيل عام 1971م، غالبًا ما يُشار إليه باسم الأب الروحي لإدارة الخبرة، إذ شارك في تأليف مجلة Cornell Hospitality Quarterly، التي استُشهد بها بوصفها أفضل ورقة بحثية لعام 2014 من قبل Sage Publications، وألقى محاضرات في مؤسسات مهمة، ونشر أوراقًا أكاديمية استُشهد بها على نطاق واسع.
معلومات عن المترجم:
دَعْد العَسَلِيّ: مُترجم متميز، من أبرز ترجماته:
المخطط الناجح لتحقيق المبيعات الخارقة.
التخطيط الفعال للمؤسسات التجارية العائلية.