الأسرة وبداية تشكيل نفسية الطفل
الأسرة وبداية تشكيل نفسية الطفل
الإنسان مجبول بفطرته على احتياجه وشعوره بالنقص العاطفي والشعوري وسعيه الدائم لإيجاد ذلك في من حوله، وأول بحثه عن ذلك يكون في أسرته، وبالتالي هذه العلاقة تعدُّ عاملًا مهمًّا في سوائه النفسي من عدمه.
ومن هذا المنطلق تؤثر اتجاهات التربية المتباينة في شخصية الفرد، كالتدليل المستمر وتحقير الطفل أمام أشخاص غرباء وعزلهم عن مجتمعاتهم الصغيرة لفترات طويلة وخلطهم بأفراد مشبوهين، كل ذلك يجعلهم عُرضة للانحراف السلوكي وإصابتهم بعُقد نفسية تلوِّث حياتهم فيما بعد.
“الحياة الزوجية ما هي إلا مسرح يمثِّل عليه الأزواج ما تعرَّضوا له طوال حياتهم”، هكذا وصفت الكاتبة العلاقة بين حياة الطفولة وحياة التعامل مع الأطفال، إذ إن الخطر يكمن في نقطتين؛ الأولى أن بعض الآباء قد يميلون إلى معاملة أطفالهم بالمعاملة نفسها التي تعرَّضوا لها في طفولتهم بوعيٍ منهم أو من دون وعي، فإن كان قد واجه مرحلة صعبة في حياته في أثناء طفولته يوجِّه درجة الصعوبة والقسوة نفسها إلى أبنائه، والثانية أن البعض الآخر يميل إلى عكس ما تربى عليه، فإن تربَّى على الخوف أنشأ ابنه على الاطمئنان، وإن تربَّى على القسوة أنشأه على الشفقة والحنان.
هناك الكثير من العقبات المعروفة، التي قد تحدث بصورة شبه يومية في الحياة الأسرية، مثل الشجار الدائم بين الأب والأم، وما لذلك من وقْع على الطفل، إذ إنه غالبًا ما يكوِّن انطباعات سيئة عن الأب، ويأخذ صف الأم ويدافع عنها، وتبدأ مشاعر الكره في التولُّد بداخله،كذلك خروج الأم للعمل لفترات طويلة وغياب كلا الأبوين يزيد من فرص الانفصال العاطفي بين الابن وأبويه، وتتقلَّص الرعاية الأساسية ويتغيَّر نمط سلوك الطفل دون أن يشعر أبواه.
الحالات الاجتماعية المختلفة التي تصيب الأسرة أو أحد الآباء كالطلاق أو الوفاة أو الهجر من أخطر الأسباب الأسرية للانحرافات السلوكية للأبناء، وينتج عنها الإهمال وفقد الثقة، وفقد جزء كبير من الحنان والمشاعر كما تنتج عنها الاضطرابات النفسية، كما قد تُفضي في العديد من الحالات إلى التشرُّد والأمية والعمل في سن صغيرة.
الفكرة من كتاب الانحرافات السلوكية الأسباب والعلاج
أحيانًا يصدر منا أو من الآخرين سلوكيات معينة، ولا ندري ما الذي يدفعنا ويدفعهم إلى ذلك؟ وما الذي يدفع غير الأسوياء إلى سلوكياتهم الشاذة؟ هل هناك دوافع وراء ذلك أم أن السلوك يختلف من فرد إلى آخر؟
يتحدَّث الكتاب عن الانحرافات السلوكية ويفرقها عن السلوكيات السوية الطبيعية، ويعقد مقارنة بين النظرة الدينية للإنسان ونظرة علم النفس الحديث له، ثم يذكر دور الأسرة والمجتمع في مراحل نموه العقلية والعاطفية ومقدار ما تحدثه من تأثيرات فيه، ثم يبيِّن الاختلاف الفجَّ في منظومة القيم والأخلاق بين المنهج الإسلامي وما سواه.
مؤلف كتاب الانحرافات السلوكية الأسباب والعلاج
صباح عباس: كاتبة من مواليد مدينة صفوى بالعراق، جلُّ اهتمامها في الشأن الأسري، لها الكثير من المؤلفات في ذلك: “الحياة الزوجية: مشاكل وحلول”، و”حتى لا يكون الحلم حطامًا”، و”فن الإدارة (دليلك إلى النجاح)”.