الأسرة المعولمة واختلاف القوميات والثقافات
الأسرة المعولمة واختلاف القوميات والثقافات
يوجد في عديد من البُلدان شكل من أشكال التسلسلات الهرمية سواء في العلاقة بين الجنسين كسلطة الذكور، أو سلطة سنِّيَّة مبنية على التوقير والاحترام والتبجيل لمن هم أكبر سنًّا، فمثلًا إذا تزوجت امرأة غربية رجلًا هنديًّا، فستواجه نوعين من السلطة يتمثلان في السلطة الذكورية والسلطة النابعة من الفروق السِّنِّية، وإن كانت تلك الفروق السنية بين السيدات، كما ستلاحظ أن الأسرة تأتي في المرتبة الأولى ومقدمة على كل شيء عند الرجل الهندي، ومن ثمَّ إذا كان الرجل الهندي في رحلة مع زوجته الغربية ووصل إليه خبر مرض أحد أفراد أسرته، فسوف يقطع رحلته على الفور ملبيًا نداء الأسرة، وهو أمر عادي بالنسبة إليه، لكن بالنسبة إلى المرأة الغربية فهو أمر غير عادي ويسبب لها آلامًا نفسية، ومن ثمَّ سوف تحتدم الخلافات بينهما.
والاختلاف الثقافي والحضاري بين البلد والآخر لا يتوقف عند هذا الحد، إذ يمكن أن يصل أيضًا إلى العلاقات الحميمية بين الزوجين، فالجنس الذي يجمع بين الحب والشهوة لا يخضع للهرمونات فقط، إذ تتحدد ملامحه وفقًا للآداب الثقافية والحضارية والدينية بشكل جوهري، فمثلًا في حال العلاقة بين رجل مسلم وامرأة غربية غير مسلمة، سوف يتدخل الدين بالنسبة إلى الرجل ليحدد ما هو مباح من ممارسات في هذه العلاقة وما هو محرَّم، وعلى صعيدٍ آخر في حالة العلاقة بين رجل أمريكي وامرأة إنجليزية سوف تتدخل الثقافة، ومن ثمَّ سوف ترى المرأة الإنجليزية أن الرجل الأمريكي همجي لا يفقه شيئًا عن مقدمات العلاقة الحميمية، لأنه يريد كل شيء في التو واللحظة غير مكترث لها، وبناءً على ذلك فإن اختلاف الثقافة أو الدين أو البيئة يمكن أن يخلق حالة من سوء الفهم والمواقف المحرجة في حال اجتمع شخصان في لقاء حميمي، ما قد يؤدي إلى تهديد بقاء العلاقة واستمرارها.
الفكرة من كتاب الحب عن بُعد.. أنماط حياتية في عصر العولمة
يتناول المؤلفان العلاقات العاطفية التي تمتد عبر البلاد والقارات وتفصل بينها المسافة الجغرافية، العلاقات المبنية على التوافق وعدم التوافق، واختلاف اللغة والنظم السياسية والقانونية، مُستعرضين الحب عن بُعد أو الحب النائي، ومتطرقين إلى فوضى الحب حول العالم مبينين جميع صور الحب والعلاقات النائية التي خلقتها التكنولوجيا، ويوضحان أن العلاقات التقليدية والأسر الكلاسيكية التي سيطرت على العالم خلال القرون الماضية أصبحت على شفا الأُفول، لتحل محلها العلاقات والأسر المعولمة التي صار فيها الحبيب هو البعيد الداني، وليس القريب الحاضر.
مؤلف كتاب الحب عن بُعد.. أنماط حياتية في عصر العولمة
أولريش بك : عالم اجتماع ألماني، ومُدير معهد العلوم الاجتماعية في جامعة ميونخ الألمانية، ويُدرِّس في الوقت نفسه في جامعة “London school of Economics”، كما أنه عضو في لجنة حكومية تهتم بشؤون المستقبل بمقاطعة بافاريا الألمانية، من مؤلفاته التي تُرجمت:
ما هي العولمة؟
هذا العالم الجديد.. رؤية مجتمع المواطنة العالمية.
وإليزابيث بك : عالمة اجتماع ألمانية، درست علم الاجتماع وعلم النفس في جامعة ميونخ بألمانيا، حاصلة على درجة الأستاذية من جامعة (إرلانجن – نورمبرج)، وهي أرملة عالم الاجتماع “أولريش بك”، من مؤلفاتها:
Individualization: institutionalized individualism and its social and political consequences.
Reinventing the family: in search of new lifestyles.
معلومات عن المترجم:
حسام الدين بدر: كاتب ومترجم مصري، من ترجماته:
الزمن المختوم.. حالة الركود في العالم الإسلامي.
أحلام الخليفة.. الأحلام وتعبيرها في الثقافة الإسلامية.