الأسباب الجلية وراء الأزمات الاقتصادية
الأسباب الجلية وراء الأزمات الاقتصادية
أرجع المقريزي أغلب أزمات المجاعات التي مرت بمصر إلى مجموعة من الأسباب:
أولها: أسباب طبيعية كقصور منسوب النيل، مع غياب المطر والفيضانات، أو آفة تصيب الغلال، فتتأثر الزراعة ويقل المحصول فترتفع الأسعار، فيتعذر الحصول على الخبز، فيموت الناس جوعًا، أو يهجرون بلادهم.
ثانيها: سوء تدبير الحكام، وإسناد المناصب إلى غير مستحقيها، وسرقة المسؤولين لأموال شعوبهم بارتفاع الضرائب والأسعار، والاحتفاظ بالسلطة بمختلف الوسائل، مهما حل بالشعب من مصائب. كما استغل الباعة والتجار الغلاء واحتكار السلع المهمة لتحقيق مكاسب ضخمة، وابتعدوا عن طاعة الله سبحانه وتعالى، يقول الله تعالى ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾.
ثالثها: انتشار النقود النحاسية واستبدالها بالدينار والدرهم الذهبي، فزادت النقود بأيدي الناس وخف وزنها، وحدث ما يُطلق عليه في العصر الحديث “التضخم”.
وانفرجت أغلب الأزمات التي مرت على مصر فضلًا من الله عز وجل بارتفاع منسوب النيل، وعودة الزراعة وتوافر الغلال.
ويأتي من بعد الله سبحانه وتعالى سيطرة الحكام على الأمور النقدية داخل البلاد، فتدهور الأحوال يكمن سببه في سوء إدارة الحكومات وليس الغلاء أو نقص الأموال داخل الدولة، وحتى من حاول أن يحتكر الأموال والغلال من الحُكام وأدار ظهره لشعبه لم يوفقه الله في ذلك، وأنزل عليه شر البلاء بزوال ماله وملكه، فكثير من الناس يعتقدون أن هذه الأزمات عقوبة من عند الله للبشر، بسبب فسادهم في الأرض وبعدهم عن عبادته، ولذلك تاب كثير منهم بعد الأزمات وأكثروا من العبادات وحرموا ما حرم الله أن يسود في البلاد، مثل تحريم الخمر ومنع تعاطيها. وفي النهاية يكمن الحل في يد الشعب بثورته على الحاكم الظالم مطالبًا بحقوقه.
الفكرة من كتاب إغاثة الأمة بكشف الغمة
يرصد المقريزي نحو عشرين أزمة اقتصادية مرت بمصر تفاوتت في شدتها، فهلك فيها البلاد والعباد، ولاقت فيها فئات الشعب المصري ضروبًا من المحن والمآسي، وقد ظن أهلها أنها أزمات لن يكون لها مثيل على مر الزمان، وأنها فترات لن تمضي، ولكن ها هو يؤكد أن الأزمات تتكرر، فمنذ بداية الخليقة مرورًا بطوفان نوح عليه السلام، إلى أول أزمة اقتصادية في مصر في عهد “عبد الله بن عبد الملك بن مروان”، وصولًا إلى زمن تأليف هذا الكتاب في عهد “السلطان برقوق”، فقد اتفقت أسباب الأزمات وتصرف الشعوب حيالها ووقعت نتائج مشابهة في سائر الأقطار والبلدان.
مؤلف كتاب إغاثة الأمة بكشف الغمة
تقي الدين المقريزي، سمي بشيخ المؤرخين العرب لعظيم أثره في علم التاريخ، فقد كتب العديد من المؤلفات التي امتازت بالأسلوب العلمي والمنطقي.
تنحدر أسرة المقريزي من مدينة بعلبك بلبنان، ولكن والده انتقل إلى مصر طلبًا للعيش، فولد المقريزي في القاهرة وتوفي فيها، ونشأ نشأة علمية دينية جعلته من أبرز العلماء المسلمين في القرن التاسع الهجري – الرابع عشر الميلادي.
أهم مؤلفاته:
السلوك لمعرفة دول الملوك.
تاريخ الأقباط.
البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب.