الأسباب الاقتصادية لصعود آسيا
الأسباب الاقتصادية لصعود آسيا
كانت بدايات الصعود الآسيوي مع اليابانيين في ستينيات القرن التاسع عشر، عند اكتشافهم لمقومات نجاح الغرب، ثم تبع اليابان في القرن التالي عدد من دول شرق آسيا، فوجدت هذه الدول مجموعة من العناصر التي ساهمت مجتمعة في تحقيق النهضة الغربية، وبتطبيقها انطلقت الدول الآسيوية على مسار التقدم، ويمكن تصنيف هذه العوامل لفئتين: الأولى اقتصادية، والثانية اجتماعية ثقافية.
وأول العوامل الاقتصادية هو تطبيق “اقتصاد السوق الحر”، إذ أطلق “دينج شياو بينج” برنامجه التحديثي في الصين عام 1978 م، عندما تحول من نظام الاقتصاد الموجه من قِبَل الدولة، وتعد الصين هي النموذج الأفضل لدراسة أثر مبادئ اقتصاد السوق الحر، فلم ينتج فقط عن تطبيقها تحول في مستوى المعيشة، وانخفاض لمستوى الفقر بشكل كبير، وإنما تغيرت الروح المعنوية للمواطن الصيني وازدادت ثقته بإمكانية تحسن حياته لمرات مضاعفة في الجيل الواحد. والعامل الثاني هو “مبدأ الجدارة والاستحقاق”، ويعتمد هذا المبدأ على توفير فرص متكافئة لكل فرد في المجتمع، فسابقًا كانت النظرة الإقطاعية هي السائدة في آسيا مع تجاهل لمبدأ الجدارة، ثم تغيرت النظرة الآسيوية إلى مجتمع الفقراء من اعتباره عبئًا على الدولة إلى النظر إليه كمورد بشري غير مستغل يحتاج إلى من يكتشفه،
وهذا التطبيق لمبدأ الجدارة من جهة الحكومة الصينية جعل القطاع العام الصيني أكثر حيوية وفاعلية بكثير من نظيره في الغرب.وثالث العوامل المتعلقة بالاقتصاد “البراجماتية” لما كانت بدايات الصعود الآسيوي من اليابان، فإننا نتساءل لماذا نجحت اليابان تحديدًا وتمكنت من تحقيق التحديث بهذه الكفاءة؟ ستكون الإجابة هي البراجماتية، فلم يتمسك اليابانيون بأي أيديولوجيات تقف عائقًا أمام تنفيذهم لخطوات التحديث الغربية، فعلى سبيل المثال نجد في ملف التعليم أن اليابان عملت بمبدأ البراجماتية عندما طبقت نظام التعليم الفرنسي واتبعت في وضع المناهج النظام الأمريكي ثم أخذت بالنظام الألماني في إجراء اختبارات للقبول عند التعيين بالجهات الحكومية.
الفكرة من كتاب نصف العالم الآسيوي الجديد: التحول الجارف للقوة العالمية نحو الشرق
يختلف ما في هذا الكتاب عما اعتاد الغرب سماعه من مفكريهم، فالكاتب بصفته شاهدًا من مواطني آسيا قريبًا من غرف صنع القرار، ومطّلعًا على الأحداث، يبين أن الغرب بجانب دوره الأساسي في عملية التغيير، فهو جزء رئيس من المشكلة التي تقف في طريق إعادة ترتيب النظام العالمي، ويعطي الكتاب فرصة للمواطن الغربي أن يأخذ مقعدًا طالما تُرِكَ لبقية العالم، حتى يعرف نظرة الدول الأخرى إلى ما كان عليه العالم تحت القيادة الغربية، ويوضح الكاتب ما يحدث في آسيا من نهضة اقتصادية وعلمية، ويحلل أسباب ما نراه من تحول في موازين القوى نحو الشرق الأقصى.
مؤلف كتاب نصف العالم الآسيوي الجديد: التحول الجارف للقوة العالمية نحو الشرق
كيشور محبوباني: دبلوماسي سنغافوري، وأستاذ ممارسة السياسة العامة بجامعة سنغافورة الوطنية في مدرسة لي كوان يو، وعميد للمدرسة، شغل منصب سفير سنغافورة في الأمم المتحدة، وكان السكرتير الدائم لوزارة الخارجية بسنغافورة من 1993م حتى 1998م، ويعمل عضوًا بمجالس إدارة عديد من المؤسسات في سنغافورة وأوربا وأمريكا الشمالية.
ومن مؤلفاته:
هل يمكن أن يفكر الآسيويون؟
ما بعد عصر البراءة: إعادة بناء الثقة بين أمريكا والعالم.
معلومات عن المترجم:
سمير كريّم: مدرس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وعمل وكيلًا أول لوزارة الاقتصاد والتعاون الدولي، وعمل مديرًا تنفيذيًّا لبنك التنمية الإفريقي ممثلًا لمصر وجيبوتي.