الأرملة
الأرملة
قد ذكرنا في المقدمة ما نقصد بمصطلح الأم الوحيدة، وكونها الأم التي فقدت زوجها وقامت بدور رب الأسرة، سواء كان هذا الفقد بوفاة الزوج أو لغيابه عنها أو لوجوده مع عدم القيام بدوره.
وهناك عدة إحصائيات تدلُّ على شيوع هذه الظاهرة في العالم العربي وغيره، حيث يبلغ عدد الأمهات اللائي قمن بدور العائل الوحيد للأسرة 20% من إجمالي عدد النساء في أوروبا وأمريكا الشمالية، ويقدَّر عددهم في مصر بـ12 مليون امرأه معيلة.
ولأن لكل تحدٍّ وسيلة وضعها الله للإنسان ليستطيع من خلالها عبور هذا التحدي، سنحاول عرض بعض النصائح التي تعين كل أم على عبور هذا التحدي، عن طريق الحديث عن كل أم وحيدة بمفردها، ولنبدأ بالحديث عن الأرملة.
الأرملة هي المرأة التي تُوفِّي عنها زوجها، وتواجه هذه المرأة العديد من التحديات مثل اختلاف احتياجات الطفل بعد فقد الأب، وعدم قدرتها على الاستقلالية لعدم وجود من يتكفَّل بالجانب المادي، إضافةً إلى طمع المجتمع فيها لكونها أصبحت بمفردها.
لكنها رغم ذلك تتمتَّع ببعض المميزات عن غيرها من النساء ممن فقدن أزواجهن كالمطلقة مثلًا، حيث يصحب الأرملة بعض الدعم من المجتمع مع عدم وجود أب ينازعها حضانة الطفل.
أما التحديات التي تواجهها هذه المرأة وأول ما يتوجَّب على الأرملة فعله عقب رحيل زوجها اتخاذ قرار حاسم حول الزواج من جديد أو عدمه، ومن المهم عند اتخاذ قرار الزواج حسن اختيار الزوج الجديد الذي سيكون بمنزلة الأب لأبنائها.
فإن قرَّرت المرأة عدم الزواج لا بد من السعي وراء التمتُّع بالاستقلالية، بتوفير مكان آمن تعيش فيه مع أبنائها ووجود دخل مادي سواء كان بالعمل من المنزل أو في الخارج إذا لم يتوافر خيار العمل من المنزل مع عدم الإخلال بالدور الذي يجب عليها القيام به في البيت مع الأبناء.
كذلك لا بد من عدم مقاطعة أهل الزوج لأنهم أقرب من يستطيع أن يقدم الدعم والمساندة، لكن إذا غلب عليهم التعامل الجاف، فالأولى الاقتصار على القدر الضئيل الذي لا يقطع الصلة بينكم.
من المهم أيضًا خلق صورة عن الأب لدى الأبناء، وكذلك التحدث مع الأبناء بصراحة عن الرحيل عن الدنيا وعدم ذكر أشياء غير حقيقية كنوم الأب أو مغادرته إلى مكان آخر لأن ذلك يجعلهم أكثر عرضة للصدمات فيما بعد، مع عدم التدليل الزائد للطفل لأنه قد يغلب على الطفل عندما يشعر بعدم وجود والده استغلال الأم، مع الاتصال بالمجتمع الخارجي.
الفكرة من كتاب الأم الوحيدة
في ظل هذا العالم الذي يتغيَّر كل يوم عمَّا كان عليه من قبل، تظل التربية من أصعب التحديات التي يمرُّ بها كلا الوالدين، وعندما يتكفل بعملية التربية فرد واحد تصبح أصعب وأشق، لذلك كانت الأم التي تقوم على تربية أطفالها بمفردها تستحقُّ إلقاء مزيد من الضوء عليها.
وهذا موضع حديث كتابنا “الأم الوحيدة”، ولا نقصد بالأم الوحيدة ما يقصده الغرب بهذا المصطلح، أي الأم التي تنجب طفلًا خارج إطار الزواج، وإنما نقصد به الأم التي فقدت زوجها سواء كان هذا الفقد بوفاة الزوج، أو لغيابه عنها، أو لوجوده مع عدم القيام بدوره.
ويحاول هذا الكتاب الإجابة عن سؤال كيف تقوم الأم بالدور الذي فرض عليها بعد فقد الزوج لكي تعبر بنفسها وأبنائها بسلام من هذا التحدِّي؟ وذلك عن طريق عرض نصائح عملية بالحديث عن أنواع الأمهات الوحيدات.
مؤلف كتاب الأم الوحيدة
عزة عبد الجواد: باحثة دكتوراه في الصحة النفسية، تخرَّجت في معهد الدعوة والدراسات الإسلامية، وقامت بتركيز اهتمامها فيما بعد حول مواضيع الصحة النفسية والتربية والكتابة الروائية.
من مؤلفاتها الروائية: “نبض الجليد”، و”سوار الياسمين”.