
الأرق
يُعد الأرقُ النادي الذي يشترك فيه عدد كبير منا، إذ إن ثلث البالغين يُعانون بعض مظاهر النوم السيئ، ونحو واحد من كل عشرة من البالغين مُصاب بالأرق المزمن، والأرق ليس مُجرد حالة طبية تؤثر في النوم، بل هو عرض مرضي لمشكلات طبية أخرى، مثل: فرط نشاط الغدة الدرقية أو نتيجة استخدام أدوية معينة، وغالبًا ما يكون أحد سمات الاضطرابات النفسية مثل: القلق أو الاكتئاب.
ويشمل الأرق أنواعًا مختلفة، فإذا اشتكى المرء من أنه لم يَنَم جيدًا واستغرق نومه ساعة أو اثنتين فقط، لكن بعد إجراء دراسة النوم وُجِد أنه ينام ما يَقرُب من سبع ساعات أو أكثر مع دخوله مرحلة النوم العميق، فهذا النوع من الأرق يُطلق عليه «سوء إدراك حالة النوم»، ويمكن تفسير ذلك بأن الشخص الذي لديه استعداد لهذا النوع لا يرى أن أوقات الاستيقاظ القصيرة سمة من سمات النوم الطبيعي.
أما النوع الذي يُعاني فيه الشخص من النوم لساعات قليلة جدًّا كل ليلة، فهذا هو الأرق المزمن الذي يشبَّه بـ«الحرمان من النوم» رغم أن لكليهما أعراضًا مختلفة، فالشخص المحروم من النوم ينام بسرعة كبيرة مع أداء ضعيف في اختبارات اليقظة، كما أنه يعاني من زيادة الوزن، أما الشخص الذي يُعاني من الأرق فيستغرق وقتًا طويلًا للدخول في النوم، ويكون أكثر يقظة وانتباهًا نتيجة «فرط الإثارة» الذي يسبب توتر الأعصاب وتسارع نبضات القلب، ولا يزيد وزنه بشكل كبير عن أصحاب النوم الطبيعي، وكما ذكرنا سابقًا فإن العوامل النفسية تلعب دورًا في الإصابة بالأرق، ولكن هناك أيضًا عوامل وراثية تلعب دورًا في نشأته، إذ اكتشف حديثًا وجود سبعة جينات تسهم في حدوث الأرق، ما يدل على الاستعداد الوراثي لحالة الإثارة.
وهناك عدة وسائل لعلاج الأرق منها: العلاج الدوائي باستخدام البنزوديازيبينات وما شابهها، مثل: الزولبيديم والزوبيكلون، ولكن لا يُفضل استخدامها لما لها من مخاطر عديدة، ويُوصى باللجوء إلى العلاج المعرفي السلوكي لإعادة بناء ارتباط إيجابي مع السرير بكونه ملاذًا آمنًا لا غرفة تعذيب يُعاني فيها المرء من عدم النوم، أو تجربة العلاج النفسي الذي يُسمى العلاج بالقبول والالتزام، ويركز على تعليم الأشخاص تقبل الأرق واحتواءه مما يقلل المشاعر المصاحبة لقلة النوم.
الفكرة من كتاب “الدماغ الليلي: الكوابيس، علم الأعصاب، وعالم النوم السري
بعد يومٍ شاق مليء بالعمل كل ما نفكر به عندما نعود إلى المنزل أن نحظى بقسط من النوم الهادئ نجدد به نشاطنا لاستقبال يوم جديد، ولكن بعض الأشخاص رغم رغبتهم الشديدة بالنوم فإنهم وبسبب حدوث خلل في مراحل نومهم لا يقضون ليلتهم بشكل هادئ، بل إن بعضهم لا يعرفون سببًا لعدم قدرتهم على النوم أو أن جودته نومهم سيئة، ولهذا فإن هذا الكتاب يستعرض اضطرابات النوم الشائعة التي قد يعاني منها بعضنا، ويذكر طُرق التعامل معها، والتقليل من حدوثها.
مؤلف كتاب “الدماغ الليلي: الكوابيس، علم الأعصاب، وعالم النوم السري
جاي لشزينر: أستاذ علم الأعصاب وطب النوم في معهد الطب النفسي وعلم النفس وعلم الأعصاب في كينغز كوليدج لندن «King’s College London»، كما أنه استشاري في مستشفيات غاي وسانت توماس «Guy’s and St Thomas’ Hospitals» ومستشفيات أخرى، دَرَسَ الطب في كلية ماجدالين «Magdalen College» بجامعة أكسفورد والكلية الإمبراطورية «Imperial College» في سانت ماري، وأكمل الدكتواه في علم وراثة الصرع وإدارة الأدوية في إمبريال كوليدج لندن «Imperial College London» ومعهد ويلكوم ترست سانجر «Wellcome Trust Sanger Institute» في كامبريدج.
كان يقود مركز اضطرابات النوم بمستشفى جاي «Guy’s Hospital» الذي يقدم أكبر خدمات النوم في أوربا، إضافة إلى تقديمه سلسلة “أسرار النوم” على راديو BBC 4 وBBC World Services، ومن مؤلفاته:
The Man Who Tasted Words: A Neurologist Explores the Strange and Startling World of Our Senses
Seven Deadly Sins: The Biology of Being Human
معلومات عن المترجم:
داليا هشام سباعي: طبيبة نفسية ومترجمة، تخرجت في كلية الطب بجامعة القاهرة، وتكتب مقالات في منصة «Sasa Post»، ومهتمة بترجمة كتب الصحة النفسية وتطوير الذات، ومنها كتاب: «فن احتواء الذات: دليلك العملي لفهم نفسك والاستماع إلى أصواتك الداخلية».


