الأذان
يُنادى على الصلاة منذ قرون بنفس النداء حتى اعتاده الكثيرون وصار بعضهم لا يوليه اهتمامًا كبيرًا، يبدأ النداء بإقرار أن “الله أكبر”، أكبر من أي شيء وكل شيء، ولنا في إبراهيم (عليه السلام) أسوة في الليلة التي تساءل فيها عن إلهه، أهو الكوكب اللامع الذي يأفلُ نورُه؟ أم القمر البازغ الذي لا يصمد أمام ضوء الصباح، أم الشمس التي هي أكبر منها جميعًا لكنها لا بد أن تغيب؟ في تلك الليلة التي لم تصمد فيها معبودات قوم إبراهيم اهتدى إلى أن الله هو الأكبر.
ولا عجب أن يكون إبراهيم (عليه السلام) هو أول من أقام مجتمعًا يقيم الصلاة، وأول من أذن في الناس، ويرى الكاتب ارتباطًا بين قصة إبراهيم (عليه السلام) ورؤيا عمر (رضي الله عنه) عن أذان الصلاة، حيث وعى عمر التجربة الإبراهيمية والمقام الإبراهيمي ومدى ارتباطه بالصلاة.
بعد “الله أكبر” تأتي شهادتا التوحيد الحق بتقرير أن لا معبود بحق إلا الله، وإقرار أن النبي محمد هو رسول الله الخاتم ليكتمل التوحيد بها وتكتمل الجمل الثلاث التي تحدِّد الطريق وتوجِّه المسلم ومن دونها لا نفهم علاقتنا بالكون ولا بأنفسنا، والتي تمثِّل أيضًا التمهيد نحو المقصد الأساسي من الأذان: النداء للصلاة.
النداء للصلاة مقرون بالحياة، كأن الصلاة دعوة إلى الحياة نفسها وفارق بينها وبين الموت، كما أنها الفارق بين الكفر والإيمان؛ حياة حقيقية يُوَظِّفُ فيها الإنسان نفسه لما خُلِقَ له، يبرز هذا المعنى توارد لفظ الحياة في القرآن مقرونًا بإحياء الأرض، فأنت بالصلاة أرض مثمرة ومن دونها أرض بور جدباء، حي عليها، فهي مرادفة في النداء التالي للفلاح، هذا المفهوم المشتق من فلاحة الأرض وحرثها ثم بَذرِها لجني الثَّمَر، ثم يُختتم النداء بإقرار أن الله أكبر، مرة أخرى وإلى الأبد، خمس مرات يوميًّا وحتى تقوم الساعة.
الفكرة من كتاب ملكوت الواقع.. ممهدات وحوافز قبل الانطلاق
يهدف الكاتب إلى تناول المعاني الكامنة في الأذان، وتوقيتات الصلاة والوضوء والنية والتكبير ثم دعاء الاستفتاح، وعلاقة بعض أركان الصلاة بالتجربة الإبراهيمية الخالدة.
مؤلف كتاب ملكوت الواقع.. ممهدات وحوافز قبل الانطلاق
وُلِدَ أحمد خيري العمري في العراق عام 1970، وتخرج طبيبًا للأسنان، صدر له لأول مرة كتاب “البوصلة القرآنية” في العام 2003، ثم أتبعه بمؤلفات مهمة مثل “سيرة خليفة قادم”، و”استرداد عمر من السيرة إلى المسيرة” وغيرها، يحاول تقديم منهج منضبط يتجاوز الجمود الحادث وتفلُّت الموجات التجديدية.