الأديان وأمور أخرى
الأديان وأمور أخرى
كان اليونان والرومان من أرقى الأمم في زمانهم، فاليونان مثلًا هم أصحاب علوم الفلسفة والآداب والمعارف، والرومان أصحاب الدولة العظمى التي إذا ذُكرت فلا يُذكَر معها دولة، فماذا حدث عندما تنصَّرت تلك الأمم ودخلتها المسيحية بعد الوثنية؟ انحطَّت بلاد اليونان وتدهورت أحوالها قرنًا بعد قرن حتى أصبحت ولاية تحت الحكم العثماني، وكذلك روما.
إذًا هل يُقال إنَّ سبب تدهور حال اليونان والرومان هو الديانة بالمسيحية كمن يقول إن سبب تدهور حال المسلمين هو تدينهم بالإسلام؟ حُكم مثل هذا لا يخرج عن كونه حُكمًا قاصرًا جاهلًا لم يُحِط بالأسباب كلِّها، ففساد الأخلاق وانتشار الإلحاد والإباحة والخلاعة من الداخل إضافة إلى هجمات البرابرة من الخارج أدَّت إلى سقوط الأمَّتين حتى ولو لم تدخلها المسيحية.
وعودة إلى المثال الياباني، فاليابان أمَّة وثنية ومنهم من هم على مذهب بوذا، ومنهم من هو على مذهب غيره، وهم كذلك منذ ألفي سنة، ولم تصل اليابان إلى ما هي عليه الآن إلا منذ نح و ستين سنة، وبالتالي فالوثنية ليست سببًا لتأخرهم أو تقدمهم، والأديان ليست وحدها العامل المؤثر في تقدم الأمم أو تخلفها، بل تنضم إليها أسباب وعوامل أخرى إن تضافرت وتراكمت فإنها قد تفوق تأثير الأديان والعقائد.
الفكرة من كتاب لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟
إذا مرَّت على المسلمين أزمنة وأوقات أقرب ما تكون إلى الفوضى والفساد وأشد حاجةً إلى الإصلاح والنهضة، فقد مرت عليهم أيضًا أزمنة سادوا فيها الأمم، وقادوا الركب نحو العلم والنهضة والعمران، لكنهم عندما تخلَّوا عن الأخذ بأسباب النصر والتمكين وشحُّوا بأنفسهم وأموالهم عن نهضة الأمة وصلوا إلى ما وصلوا إليه.
عن المسلمين والغرب وأسباب التقدم والتخلف وعن أمم العالم قديمًا وحديثًا وعن قيمة اللغة والدين والثقافة في النهضة، يطرق الكاتب هذه الأبواب طرقًا عنيفًا متحسِّرًا وكاشفًا للحقائق استنهاضًا للهمم والعزائم.
مؤلف كتاب لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟
شكيب أرسلان: كاتب وأديب ومفكر عربي لبناني، ولد في الخامس والعشرين من ديسمبر عام 1869 وتوفي في التاسع من ديسمبر عام 1946.
كان يُجيد اللغات العربية والتركية والفرنسية والألمانية، والتقى العديد من المفكرين والأدباء خلال سفراته العديدة مثل جمال الدين الأفغاني وأحمد شوقي. اشتُهِر بلقب أمير البيان بسبب كونه أديبًا وشاعرًا بالإضافة إلى كونه سياسيًّا.
من أهم مؤلفاته:
عروة الاتحاد.
الحلل السندسية.
الارتسامات اللطاف.
تاريخ غزوات العرب.