الأخلاق
لقد اختلف الفلاسفة وتعددت نظرياتهم حول الكيفية التي يُوصف من خلالها أي فعل بأنه فعل صائب أو خاطئ، أو أنه أخلاقي أو غير أخلاقي، ومن تلك النظريات “النظرية الأخلاقية” التي تعتمد على الدين كمرجع لها، وهي بذلك تقوم على فكرة “الواجب”، وأن كل إنسان له واجبات معينة عليه القيام بها، وأخرى يجب عليه أن يمتنع عن القيام بها، وذلك بصرف النظر عن النتائج والتبعات المترتبة عليها.
لذا يرى المؤمنون بالله أن الفعل يوصف بأنه أخلاقي في حال كان متفقًا مع إرادة الإله، وأن الفعل يكون غير أخلاقي في حال كان متعارضًا مع إرادة الإله، وبناءً على ذلك يكون القتل-على سبيل المثال- خطأ أخلاقيًّا، مع وجود استثناءات كحالة الحرب، ومن ثم في حال عدم وجود الإله فلا وجود للأخلاق، لأنه لا فرق حينئذٍ بين الصواب والخطأ، فكما يقول “دوستويفسكي”: “إن كان الإله غير موجود فكل شيء سيكون مسموحًا به”!
ومن النظريات التي تحاول أن تبرر الفعل الأخلاقي بعيدًا عن الإله نظرية “التبعات”، وتقوم هذه النظرية على الحكم على الأفعال من خلال تبعات الفعل وليس بناءً على مقاصد الشخص من الفعل، ومن أهم المذاهب الفلسفية التي تتبناها “مذهب النفعية” لجيرمي بنتام، فيذهب إلى أن الفعل يوصف بأنه أخلاقي أو غير أخلاقي بناءً على ما يحققه من سعادة، ومن ثم يكون الفعل صائبًا وأخلاقيًّا إذا جلب سعادة أو ترجحت فيه كفة السعادة على التعاسة، وإذا حدث العكس بأن جلب تعاسة أو ترجحت فيه كفة التعاسة على السعادة فهو فعل خاطئ، فمعيار الحكم على الفعل هو تحقيق السعادة واللذة وتقليل التعاسة والألم، فمثلًا “الوفاء بالعهد” هو فعل أخلاقي بصرف النظر عما يترتب عليه من تبعات عند أصحاب نظرية الواجب، بينما عند أصحاب مذهب المنفعة، فالوفاء بالعهد يتوقف على عملية حسابية يتم فيها حساب السعادة المتحصلة، فلو كان الوفاء بالعهد يجلب السعادة فهو فعل صائب، أما إذا كان الحنث بالعهد هو الذي سوف يجلب السعادة ويمنع التعاسة أو يقللها، فالحنث بالعهد هو الفعل الصائب حينئذٍ!
الفكرة من كتاب الفلسفة.. الأسس
يعتمد هذا الكتاب على عرض بعض المسائل الفلسفية بأسلوب يعتمد على “الموضوع”، بدلًا من الاعتماد على السرد التاريخي للفلسفة، وهو يهدف من وراء ذلك إلى تزويد القارئ بأدوات التفكير في القضايا الفلسفية، ليقوم بعد ذلك بالتفكير والتفلسف بنفسه، وترجع أهم أسباب الحاجة إلى دراسة الفلسفة إلى كونها متعلقة بالنظر في مسائل أساسية في الحياة، كتلك المتعلقة بـ”الوجود”، ولماذا نحن هنا؟ وهل هناك إله خالق لهذا الكون؟ وهل يوجد معنى وغاية من حياة الإنسان أم أنها بلا غاية وبلا معنى؟ فالفلاسفة يهتمون بفحص مثل تلك المسائل والقضايا التي لا يعيرها غالبية البشر أي اهتمام، هذا الفحص الذي يبين لنا الأساس الراسخ لبعض القضايا، والأساس الرخو للبعض الآخر.
مؤلف كتاب الفلسفة.. الأسس
نيغيل واربورتون : كاتب وفيلسوف بريطاني، حصل على درجتي البكالوريوس من جامعة بريستول والدكتوراه من جامعة كامبريدج، وقد شغل منصب كبير المحاضرين في الجامعة المفتوحة بالمملكة المتحدة حتى عام 2013.
له العديد من الكتب الموجهة لغير المتخصصين، وقد تُرجمت له إلى اللغة العربية عدة كتب، أبرزها:
مختصر تاريخ الفلسفة.
التفكير من الألف إلى الياء.
حرية التعبير: مقدمة قصيرة جدًّا.