الأثر النفسي للإهمال العاطفي
الأثر النفسي للإهمال العاطفي
مع أن البالغين الذين عانوا الإهمال العاطفي يبدون طبيعيين ظاهريًّا، فإنهم يُعانون آثارًا نفسيَّة سلبيَّة تظهر في عشر سمات: أول سمة هي الشعور بالخواء، والإحساس العام بعدم الارتياح الذي يظهر على هيئة مساحة فارغة في البطن أو خدر عاطفي، أو الشعور بأن شيئًا ما ليس صحيحًا، ويمكن أن يدفع هذا الشعور الأشخاص إلى التفكير في الانتحار، والتساؤل عن معنى الحياة وهدفها. تليها سمة مقاومة الاعتماد أي تجنب الاعتماد على الآخرين قدر المُستطاع لأنهم تعلّموا في طفولتهم أن الاحتياج إلى الآخرين ضعف، لذا يبذلون جهودًا كبيرة لتجنُّب طلب المساعدة.
أما السمة الثالثة فتمثل التقييم الذاتي غير الواقعي، إذ يُعاني الكثير من المُهمَلين عاطفيًّا من تدني تقدير الذات، كما يرسمون صورًا غير دقيقة لأنفسهم، إذ إنهم عانوا في طفولتهم من غياب الانتباه وردود الأفعال من والديهم، ومن ثم لم تتطور هويتهم بشكل كامل. كما أنهم يقسون على أنفسهم، وتكون لديهم رأفة كبيرة تجاه الآخرين ولكن ليس تجاه أنفسهم، ولا يكتفون بذلك بل يشعرون بالذنب والخجل من مشاعرهم لأنهم لم يتعلموا كيف يقبلونها أو يتعاملون معها، ويتطور هذا الخجل إلى غضب، وميول إلى تدمير الذات.
يليها الاعتقاد بأن الناس لن يحبوه إن عرفوه على حقيقته، فأهم سمة يشترك فيها معظم الراشدين المُهمَلين عاطفيًّا هي الشعور السري بأنهم مختلفون ومعيبون، ومن ثم يميلون إلى الشعور بضرورة إخفاء ذواتهم الحقيقية. بينما السمة الثامنة تظهر على هيئة صعوبة رعاية الذات والآخرين، فإن تلقى الطفل الرعاية من والديه يستوعبها وتصبح جزءًا منه، وبعدها يمكنه أن يقدمها إلى الآخرين، أما من لم يحصل عليها في طفولته فيتصلب وينعزل ويواجه صعوبة في تلقي الرعاية وتقديمها.
وتتمثل السمة التالية في ضعف الانضباط الذاتي، إذ يَصعُب على من تعرضوا إلى الإهمال العاطفي أن يتحملوا المسؤولية أو أن يتوقفوا عن السلوكيات التي يعلمون أنها ضارة. وآخر سمة للمُهمَلين عاطفيًّا تُدعى “الأَلكسِيثِيميا | Alexithymia”، وتعني نقص معرفة الشخص للعاطفة وإدراكها، إذ يصعب عليهم فهم مشاعرهم ومشاعر الآخرين، ونتيجة عدم قدرتهم على إدارتها لا يعبرون سوى عن الغضب لأنه النمط العاطفي الوحيد المألوف لديهم.
الفكرة من كتاب السير بلا وقود: التغلب على الإهمال العاطفي في الطفولة
ماذا تتذكر من طفولتك؟ الحقيقة أن ما تتذكره لا يهم، فلا يتناول هذا الكتاب ما حدث في طفولتك سواء أكان إيجابيًّا أم سلبيًّا، بل يساعدك على إدراك ما لم يحدث، فما لم يحدث له تأثير في تكوينك وأنت راشد بقدر تأثير الأحداث التي تتذكرها، وربما أكثر.
ويُقصد بذلك قوة الإهمال العاطفي، فهي قوة غير مرئية إلا أنها ذات تأثير كبير، ويُقدم هذا الكتاب ما يكفي من المعلومات حتى تعرف ما إذا تعرضت إلى هذه القوة غير المرئية، وكيفية التغلب على ذلك إن حدث.
مؤلف كتاب السير بلا وقود: التغلب على الإهمال العاطفي في الطفولة
جونيس ويب: طبيبة نفسية وكاتبة أمريكية، حصلت على درجة الدكتوراه في علم النفس الإكلينيكي، ولديها عيادة علاج نفسي خاصة مُتخصصة في علاج الإهمال العاطفي لدى الأفراد والأزواج والعائلات.
ومن أعمالها:
لا سير بلا وقود بعد اليوم: تعديل العلاقة بالشريك والوالدين والأبناء.
العيش دون وقود عاطفي.
كريستين موسيلو: طبيبة نفسية أمريكية، تعمل في عيادة خاصة بـ”مَاسَاتْشُوستس | Massachusetts”، شاركت جُونِيسْ وِيب في كتابة “كتاب العيش دون وقود عاطفي” بالإضافة إلى الكتاب الذي بين أيدينا.
معلومات عن المترجم:
عبد المقصود عبد الكريم: شاعر ومترجم واستشاري طب نفسي مصري، وُلد في قرية “طَنَامِل” بمحافظة الدَّقَهْلِيَّة في أول يونيو ۱٩٥٦م، ويعمل رئيسًا لقسم الطب النفسي بمستشفى المَطَرِيَّة التعليمي.
ومن ترجماته:
الإنسان والبحث عن المعنى.
الموت والاحتضار.