الأثر التنموي للتكنولوجيا
الأثر التنموي للتكنولوجيا
لا شك أن التطوُّر التقني أدى دورًا أساسيًّا في تقدم الاقتصاد العالمي، وأضحت بذلك التكنولوجيا عاملًا محددًا على التجارب التنموية للاقتصادات المختلفة، باعتبارها القوى المحركة للتقدم الاقتصادي والتطور الحضاري في خضم التطورات العلمية والتكنولوجيا، نجد عملية التنمية المحرك لمجمل قطاعات الاقتصاد، لا سيما اليوم بعدما اتسعت الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية، وأصبح التعويل على التكنولوجيا في تقليل الزمن اللازم لردمها، فالجهود العادية القديمة أصبحت غير كافية لتحقيق التنمية الاقتصادية.
وفي ألمانيا نجد أن التكنولوجيا المتطوِّرة تمكَّنت من أن تؤدي دورها الطبيعي في تغيير طرائق الإنتاج وفي مساهمة العوامل المادية والإنسانية في تعديل طبيعة ونوعية السلع والخدمات، فالمجال التكنولوجي بات اليوم من أكثر الميادين الطموحة في المستقبل، لذا يلقى حضورًا عاليًا، وبناءً على المعطيات الاقتصادية فإن الصناعات التقنية في ألمانيا تمثِّل ربع سوق البرمجيات الأوروبية، مع معدل نمّوٍ سنوي مستمر.
كما أن التطور التكنولوجي انعكس على قطاعي النقل والاتصالات، اللذين بدورهما غيَّرا وجه العالم، وكانا السبب الرئيس في تحقيق العولمة، تلك التغيرات عمَّقت الاتجاه العام في ألمانيا ناحية الاهتمام بالصناعات الثقيلة والتي كانت حجر الأساس في صرح النهضة الألمانية، التي سارعت إلى زيادة المحتوى الرقمي والاستفادة من تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، وتعزيز برامج العلم والتكنولوجيا والابتكار، وتحسين الوصول إلى الخبرات الفنية والتكنولوجية الإنتاجية وتطويرها ومن ثم نقلها بين القطاعات الاقتصادية المختلفة، ذلك أن العامل التقني أصبح في هذا العصر ضروريًّا لكيان أية دولة، فقوة الأمم العسكرية والاقتصادية تعتمد إلى حدٍّ كبير اليوم على تقدُّمها التكنولوجي، والاستقلال السياسي للدول إنما هو مرهون بمقدرتها على تحقيق الاكتفاء الذاتي في التكنولوجيا، وبشكل خاص على إقامة الصناعات العالية التقنية والتي تعتمد على درجة عالية من التكنولوجيا والمعرفة.
الفكرة من كتاب التجربة النهضوية الألمانية.. كيف تغلَّبت ألمانيا على معوِّقات النهضة؟
كثير من الرجال الألمان قضوا نحبهم بعد الحرب العالمية الثانية فاختلَّ بذلك الميزان الديموغرافي للسكان، وهكذا أصبحت البلاد تعاني نقصًا حادًّا في أعداد الذكور، فكان على النساء الأخذ بزمام المبادرة لإعادة بناء البلاد من جديد، فخرجت تحمل بيدها رضيعها وبيدها الأخرى تزيح الأنقاض ومخلفات الحرب، حتى الأطفال قرَّروا أن يكون لهم دور في بناء الوطن، فكيف لا ينحني المرء تقديرًا وإجلالًا أمام مشهد كهذا؟!
نحن أمام مراجعة حية لمسارات التجربة النهضوية الألمانية من نواحٍ شتى، شملت المسارات التاريخية والسياسية والاجتماعية ولم تهمل كذلك الخلفيات الفكرية والبناء العقائدي، حيث تعرَّض الكاتب للظروف القاسية التي صاحبت عملية النهضة الألمانية، والإمكانات الاقتصادية والتكنولوجية، فصار الأمر أشبه ما يكون بروشتة للإصلاح الاقتصادي يمكن للدول الأخرى الاستفادة منها.
مؤلف كتاب التجربة النهضوية الألمانية.. كيف تغلَّبت ألمانيا على معوِّقات النهضة؟
الدكتور عبد الجليل أميم: أستاذ جامعي وُلد عام 1968، تخرج في جامعة يوحنا جوتنبرغ بماينس، شعبة الفلسفة والبيداغوجيا، وحصل على الماجستير والدكتوراه في ذات التخصُّص، كما حصل على درجة الأستاذية في عام 2017، وتولى العديد من المهام الإدارية منها: محافظ خزانة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، ومدير مختبر سبل LCP (اللسانيات، التواصل، البيداغوجيا) بكلية الآداب منذ تأسيسه 2011 إلى الآن.
وله العديد من المؤلفات والكتب المنشورة منها: «منهجيات وأدوات منهجية تطبيقية للبحث والتحليل في الفلسفة والأدب والعلوم الإنسانية»، و«مدخل إلى البيداغوجيا أو علوم التربية»، و«الدين، السياسة، المجتمع.. في نسبية الطرح العلماني».