الآخرون هم سبب فقري .. لا.. بل أنا السبب!
الآخرون هم سبب فقري .. لا.. بل أنا السبب!
لم يكن التصور حول الفقر والفقراء في السابق ذا صفة سلبية، فعلى الرغم من انتشاره بشكل واسع جدًّا في الماضي، فإن النظرة حوله من قبل المجتمع تمحورت في ثلاث قصص رئيسة، فأما القصة الأولى فتتحدث عن إيمان بتراتبية الطبقات، إضافةً إلى الإيمان بوجود عمليات اعتماد متبادل بين الطبقات بعضها وبعض؛ حيث أثبتت تلك القصة أهمية دور الفلاحين، وأنها ليست طبقة غير ضرورية في المجتمع، بل لا بد من وجودها لصلاح الأحوال في المجتمع، ومن ثم فمكانتهم محفوظة ولها قدرها، ونشأ من خلال ذلك إحساس مقبول بالكرامة.
وأما القصة الثانية فهي تتحدث عن أن القيمة الأساسية التي من المفترض أن يبحث عنها الناس تكمن في التقوى، وبالتالي ليس الثراء أو الفقر معيارًا لتحقيق ذلك الصلاح، بل وإضافةً إلى ذلك فإن الفقر محبَّذ بشكل أكبر في الأدبيَّات الدينية حيث إنها تجعل الفقراء في حالة لجوء إلى الله بشكل أكبر، أما القصة الثالثة فهي تنقل حمل الفقر وسببه عن كاهل الفقراء وتنقله على أكتاف الأغنياء، ففي تلك القصة الأغنياء ما هم إلا أشخاص فاسدون سرقوا حقوق الفقراء وحصلوا على ثروتهم بالخداع والحيلة وليس بالطرق التقليدية من الفضيلة أو الموهبة.
لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، تنقلب تلك القصص وتختفي وتظهر مع بداية العصر الجديد قصص جديدة لها المدلول المقابل للقصص السابقة، ناتجة بالأساس عن التقدم المادي، ولكنها أسهمت في جعل الفقر والمكانة الدنيا بالعموم ذات صفة سلبية ويجب التخلص منها، فأما القصة الأولى، فهي ترى أن الأغنياء هم أصحاب الفضل وليس العكس؛ حيث توفِّر نفقاتهم الأعمال لكل من هو أدنى منهم، وبالتالي فهم من يقومون بالإسهام الأكبر في المجتمع، وأما القصتان الثانية والثالثة، فتتفقان جزئيًّا على أن من ولد فقيرًا فلا مشكلة به، إنما المشكلة تكمن في البقاء على ذلك الفقر بعد وصول الشخص إلى سن معينة وعدم استخدام الفرص ولا المواهب الممنوحة له ليتحصَّل على الأموال والمكانة العالية، وتُرجِع القصص ذلك إلى مشاكل في الفقير نفسه من كسل واعتماد على الغير وتواكله على المعونات الحكومية والخاصة.
الفكرة من كتاب قلق السعي إلى المكانة: الشعور بالرضا والمهانة
يناقش الكتاب أسباب سعي الأفراد نحو مكانة أعلى وما يستتبعه ذلك من ثروات ورفاهة وراحة أكبر، مفترضًا بذلك أنه وهم مأمول لا يساعدك على الصفاء النفسي، وإنما يساعد على زيادة القلق من خسارة المكانة المكتسبة والمتطلَّع إليها، ما يجعل حياة الفرد بلا معنى، كما يناقش الوسائل الممكنة لمحاولة الحد من تلك الآثار السلبية للقلق لينزل بك إلى أرض الواقع مرة أخرى.
مؤلف كتاب قلق السعي إلى المكانة: الشعور بالرضا والمهانة
آلان دو بوتون: فيلسوف وكاتب بريطاني من أصل سويسري، حاصل على درجات جامعية مختلفة في الفلسفة والتاريخ والفن، وله عدد كبير من المؤلفات تصل إلى 15 مؤلَّفًا تتنوَّع ما بين الكتب الفلسفية والمتعلقة بالتاريخ والفنون، ومنها ما هو متعلِّق بأنماط التديُّن والدين، وقد بدأ الكتابة من عام 1997 بكتاب “كيف لبروست أن يغير حياتك”، ومن أشهر كتبه المترجمة إلى العربية كتاب “عزاءات الفلسفة” المنشور عام 2000، وقد ألَّف آخر كتاب عام 2016، وهو كتاب “دورة الحب”.
معلومات عن المترجم
محمد عبد النبي: كاتب ومترجم مصري، وله عدد من الروايات والترجمات التي حصلت على جوائز متعدِّدة، ومن أبرز رواياته “في غرفة العنكبوت”، ومن أبرز ترجماته إضافة إلى هذا الكتاب هو كتاب “كراهية وصداقة وغزل وحب وزواج” لأليس مونرو.