افهم أولًا ليسهُلَ فهمُك مِن الآخرين
افهم أولًا ليسهُلَ فهمُك مِن الآخرين
قالَ الثعلب في رواية الأمير الصغير: “والآن أبوحُ بسري، وهو سِر بسيط للغاية: إنّ الإنسان يستطيع أن يرى الأشياء بصورة دقيقة من خِلال القلب فقط، بينما لا تستطيعُ العين رؤية الجوهَر”.
من هنا يتضح أن العادة الخامسة تتمثل في محاولة فهم الآخرين حتى يُمهَّد لهم طريقُ فهمك، وبشكلٍ خاصّ ورئيس فإن مشكِلات الأسرة أغلبها ناشئ من سوء الفهم لموقف الطرف الآخر، وتكمُن جذور العِلاج في محاولة السعي إلى التفهّم، بإدراك اختلافات البشر، وتكويناتهم النفسيّة، الناتجة عن ماضيهم وحاضرهم، وتنشئتهم، فإدراك هذهِ الفروق يحدّ كثيرًا من توقعاتنا وأحكامنا على البشر، إذ إن عدم الفهم يجُرّ إلى دائرة إطلاق الأحكام الخاطئة، ومُحاولة الفهم هي العنصر والوديعة الأساسيّة لبناء الثقة، وتحدث كثيرًا للأطفال عند بلوغهم سن المُراهقة بعض الاضطرابات غير المفهومة، يكون السلوك العاكس لهذه الاضطرابات هو عدم احترام الوالدين، أو قوانين المنزل، لكن في محاولة للبحث في ما وراء هذه السلوكيات، والارتقاء فوقها، تظهُر جليًّا المُشكلة الحقيقيّة لسبب هذا السلوك، إنّ حاجة نفوس البشر إلى الفهم تساوي حاجة أجسادهم إلى الهواء، أي أنَّه بمنزلة مُتنفّس للنفس، وفي حال غيابه لن يفعلوا أيّ شيء سوى محاولة الحصول عليه بشتّى السُّبُل، هذا البابُ الذي يُفتحُ مُحمّلًا بالهواءِ العليل يوثّق الروابط الأُسريّة، ويقدم التقبُّل والمُشاركة.
وإنّ كان المُترجم وسيطًا أمينًا بين لُغتين، فكذلك التفهُّم، فهو مُترجمٌ أمين بين ما يدورُ في عقلِك وما يدور في عقل الشخص الآخر، ومعرفة رؤيته للعالم، ولنفسه، ولك، دون إخلال بالمعنى الحقيقيّ، وعندما يشعر شخصٌ ما بالتفهّم يكون هناك دافعٌ داخليّ عنده بالاستمرار في الحديث العاطفيّ بشكلٍ خاص، ويكتمل التفهّم في النهاية في سعي الشخص لأن يفهمه الآخرون، وترجمة نفسه، والتعبير عنها؛ مما يجعل الطُّرق تتلاقى وتصبح أقصر.
الفكرة من كتاب العادات السبع للأسر الأكثر فعاليّة
هذا الكِتاب عرضٌ على نمط كتاب الكاتِب نفسه “العادات السبع للناس الأكثر فعاليّة”؛ يعرضُ فيه سبعَ عاداتٍ مُؤثرة في بناء الكيان الأُسريّ، ومواجهة التحديات المُتزايدة في زمننا المُعاصر المؤدية إلى تفكك الأُسَر وانحلالها، وقد حدد الكاتب ثلاثة أهدافٍ لهذا الكِتاب، وهي تكوين رؤية واضحة للوجهة، وتكوين خطة للطيران، وتحديد البُوصلة، وقد حاول الكاتب تحقيق هذه الأهداف عبر التعمّق الواقعيّ في حياة الأسر في عصرنا هذا، والواقع الذي تنشأ فيه.
مؤلف كتاب العادات السبع للأسر الأكثر فعاليّة
ستيفن كوفي: كاتب ومؤّلف أمريكيّ وُلِد عام 1932م، بولاية “يوتاه”، وتوفي عام 2012م، عن عُمر يناهز تسعة وسبعين عامًا، حصل على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال بجامعة “يوتاه”، ثم حصل على درجة الماجستير من جامعة “هارفارد” في التخصص نفسه، وحصل على الدكتوراه من جامعة “بيرجهام يانج” تخصص التعليم الدينيّ، وهو أبٌ لتسعة أبناء، ومُديرُ مؤسسة “فرانكلين كوفي” الواقعة في مدينة “ويست فالي سيتي” الأمريكيّة، وهي مؤسسة استشارات وتدريب للمؤسسات والأفراد، لهُ العديد من المؤلفات أشهرها كتاب “العادات السبع للناس الأكثر فعاليّة“، وكِتاب “الأَوْلَى أولًا“.