اعرف نفسك وتأقلم
اعرف نفسك وتأقلم
أحد الأركان الضرورية لتقديم إسهاماتك الفريدة في هذا العالم هو معرفة النفس، ومن ثم مواجهة أوهامك، وعلى هذا فلا بدَّ من فهم كيف تفكِّر في حياتك وتعاملاتك ومواقفك اليومية، وكلٌ منَّا له سردية أو مجموعة من المبادئ يعتنقها دون أن يشعر غالبًا، ودون أن يكون صريحًا مع نفسه بشأن أن هذه المبادئ هي التي تُسيِّر حياته، فمنَّا على سبيل المثال من يعتنق مبدأ “العمل الشاق دومًا يُكافأ بالخير”، ولكن هذا ليس صحيحًا على الدوام.
تخيَّل معي لو أن هناك مشروعًا يشترك فيه عدة أفراد، أحدهم يعتنق هذا المبدأ السابق الذكر ومن ثم يجتهد في القيام بدوره كما ينبغي، وآخر يتكاسل في القيام بما عليه من واجبات، ومع اقتراب موعد الانتهاء من المشروع وقيام صاحبنا بدوره وتقاعس الثاني، يتدخَّل الأول ويقوم بإتمام واجبات زميله عملًا بمبدأ “العمل الشاق يُكافأ بالخير”.
ووقت تسليم المشروع قفز المتقاعس ليتحدث عن المشروع وكيف نجح مع زملائه في الانتهاء منه كما ينبغي في الوقت المحدَّد، وقابل الثناء والمدح مقابل ما فعله أو بصورة أدق مقابل ما قاله لأنه لم يفعل ما عليه في الحقيقة، هنا سيصاب صاحب المبدأ بالإحباط، فقد قام بما عليه وزيادة وانتظر المكافأة ولكن زميله المتقاعس خطف منه الأضواء، الشاهد هنا أن هذا المبدأ ليس صحيحًا على الدوام، وهذه السردية لا بدَّ من تعديلها، لتبرز ما قمت بعمله دائمًا، ولا تقدم الزيادة لمن لا يستحقها، ولا تقدمها دون أي مقابل.
هكذا على المرء أن يراجع اعتقاداته على الدوام، وأن يعدِّلها إن وجد فيها خللًا، ولا يعني هذا على الإطلاق أن يتخلَّى عن الأخلاق والمثل، ومن أهم أدوات تحقيق ذلك أن يختار المرء عددًا من القدوات الناجحة ويقتدي بهم في طريقه نحو تحقيق الإسهام الشخصي الأبرز.
الفكرة من كتاب مُت فارغًا
في عام 2009 فقدت فتاة تُدعى كاندي شانج شخصية مقربة منها بشكل مفاجئ، كانت بمنزلة أُمٍّ لها، ومن ثم بدأت تفكر في معاني الموت والحياة، وفي الطريقة المثلى التي يمضي بها الإنسان عمره ليخرج أفضل ما بداخله ويستثمر طاقاته وقدراته، وبمساعدة أصدقاء لها صنعت سبورة كبيرة على بيت مهجور، وكتبت عليها عبارات “قبل أن أموت أريد أن…”، وتركت فراغًا ليكمله كل من يمر على السبورة، وكانت النتيجة مذهلة، إذ بدأ المارة يكتبون رغباتهم وأحلامهم، فهناك من يسعى للسفر إلى مكان ما، وآخر يود أن يصبح مُغنيًا فيسمعه الملايين، وثالث يود أن يؤلف كتابًا.
والسؤال الذي لا بدَّ للمرء أن يوجهه إلى نفسه؛ ماذا تود أن تفعل قبل موتك؟ ما الهدف والغاية التي تستثمر بها طاقاتك وتخرج بها أفضل ما عندك؟ فكم من آلاف الطموحات والأفكار التي لم تنفذ، وملايين الاختراعات التي لم يعمل أحد على تحقيقها، وعشرات الأحلام التي تخلى عنها أصحابها سعيًا وراء لقمة العيش حتى لقمتهم الأيام ولفظتهم الدنيا إلى القبور!
مؤلف كتاب مُت فارغًا
تود هنري Todd Henry: كاتب ومحاضر، مهتم بمسائل وقضايا التطوير والإبداع والإنتاجية، ومساعدة الأفراد والمؤسسات على توليد الأفكار المبتكرة، وقد صدر له عدة كتب في هذا المجال، حملت عناوين “أعلى صوتًا من الكلمات Louder than Words”، و”مبدعٌ بالصدفة The Accidental Creative”، و”ترويض النمور Herding Tigers”، و”شفرة التحفيز The Motivation Code”، والكتاب الذي بين أيدينا وهو الوحيد المترجم من بين كتبه “مُت فارغًا Die Empty” .